المشهد الثقافي في ليبيا قد خرج من فترة بيات طويل، ليطل برأسه باحثًا عن آفاق جديدة للإبداع بعد الثورة الدامية التي وضعت حدًا للرؤية الأحادية التي فرضها نظام العقيد معمر القذافي في كافة المجالات، بما فيها الحقل الثقافي الذي جعله يدور في فلكه. ومع أولى نسائم الحرية بدأت حركية جديدة تدبّ في المشهد الثقافي الليبي، من خلال مشاركة بعض دور نشرها في المعارض الدولية، وتحديدًا معرض الرياض الدولي للكتاب بعد فترة انقطاع عن المشاركة دامت احد عشر عامًا، لتعرّض من خلالها سلسلة كتب وروايات تناقش مختلف القضايا التي تهمّ البلاد بكل حرية، بعيدًا عن هواجس الرقابة والمضايقات الأمنية التي كانت سائدة في ظل النظام السابق. وبحسب حديث العارض الليبي الوحيد في معرض الرياض الدولي للكتاب «عبدالرحمن بلقاسم علي محمودي»، قال «إنه قبل أن تنجح الثورة بشكل نهائي، ظل عدد من الأدباء والكتاب الليبيين متوارين عن الأنظار تجنبًا للمضايقات الأمنية، ولكي لا يتم الزج بهم في العمل الإعلامي الدعائي الموالي للنظام، في مقابل أصوات أخرى انبرت للتطبيل للنظام لكنها تبخّرت بنهايته». أشارك للمرة الأولى ولكني بحق بالنسبة لي ذهلت بهذا الحضور الهائل من الجمهور والزوار، ونسبة الشراء الكبيرة، من الرجال والنساء وحتى الشباب ويدل ذلك على اهمية المعرض ودوره الثقافي والفكري في المملكةوتعليقًا على المشهد الثقافي في ليبيا، قال العارض الليبي في دار المجموعة العربية للنشر والتوزيع والطباعة، إن الحياة الثقافية في البلاد تشهد عملية ولادة جديدة بالخروج من الشيء إلى نقيضه، ومن مرحلة الكبت إلى الحرية، ومن مرحلة الفوضى والغوغائية إلى مرحلة النظام. وبشأن مواكبة الأدب الليبي لثورة 17 فبراير، قال: إن استلهام المبدعين الليبيين للثورة كان موجودًا، إلا أن ضيق الوقت والظروف الأمنية الصعبة حالت دون مشاركة كامل الكتب المحاكية للثورة، حيث إن دار المجموعة العربية للنشر والتوزيع والطباعة الليبية لم تشارك في معرض الكتاب إلا بكتب يسيرة عن الثورة ولم يكن تجميع الكتب بالشكل المطلوب نظير تقدّم الدار بطلب المشاركة في شهر سبتمبر الماضي. وأكد عبدالرحمن أن فرحة مشاركة داره في المعرض ليست بسبب الربح المادي وإنما حباً للشعب السعودي الشقيق، ورغبة في نقل تحيات الشعب الليبي وقال: إن الظروف الماضية التي كنا نمرّ بها في العهد السابق منعتنا من التواصل مع السعوديين في الفترة الماضية. من جانبه، أكد المثقف الليبي إبراهيم عبدالناصر الذي يشارك دار المجموعة العربية للنشر والتوزيع والطباعة الليبية، أن هناك تحوُّلًا كبيرًا نحو الحريات والنقد البنّاء والايجابي لبناء دولة جديدة تعيش أجواء الحوار الثقافي دون تعصّب لرأي يفرض من جهة معينة. وتمنى عبدالناصر أن تعيش ليبيا تجربة الحوار الثقافي غير المتشنج ودون التحوّل نحو الفوضى الديمقراطية، وأن يحترم الدين والعادات والتقاليد والأعراف والمواثيق دون المساس بها. دور النشر المصرية ورغم احداث مصر تشارك أكثر من 125 دارًا مصرية في معرض الرياض الدولي للكتاب بمطبوعات متنوّعة ما بين الفكر والأدب والفلسفة والاقتصاد والقانون وكتب الأطفال والكتب المترجمة وقد شهد جناح الدور المصرية حركة شرائية كبيرة ومن بين الدور الدار الجامعية للنشر والتوزيع، الدار المصرية للعلوم، والعالمية للكتب والنشر، والمركز القومي للإصدارات القانونية، والمكتب العربي الحديث، ومؤسسة المختار للنشر والتوزيع، ومجموعة النيل العربية، وغيرها من الدور المميّزة في الجناح المصري. وقد أكد صابر عبدالكريم صاحب الدار الجامعية ان الإقبال رائع ومتميّز في الأيام الأولى للمعرض وتختص دارنا بالبحوث والدراسات الحقوقية والقانونية، واعتقد أن الأيام القادمة ستشهد المزيد من الشراء. فيما فوجئ مدير دار الرشاد احمد مرواني بالحضور الكبير وحالة الشراء خاصة في أول أيام المعرض، بالإضافة الى ان الفترتين كانتا فكرة جيدة لتعطي مجالًا للراحة واحضار الكتب التي نفدت نسخها. ويضيف: نحن نحرص على ان ننشر كل جديد في عالم اللغة والفكر والثقافة. ويتابع اشرف عبدالمعطي صاحب دار ومكتبة الإسراء: انا أشارك للمرة الأولى ولكني بحق بالنسبة لي ذهلت بهذا الحضور الهائل من الجمهور والزوار، ونسبة الشراء الكبيرة، من الرجال والنساء وحتى الشباب ويدل ذلك على اهمية المعرض ودوره الثقافي والفكري في المملكة. ويتمنى عبدالمعطي ان تتاح فرصة لأكبر عدد ممكن من المكتبات ودور النشر.