أعلن الرئيس المصري حسني مبارك في بيان وجهه للشعب المصري مساء الخميس عن تفويض صلاحياته لنائبه عمر سليمان، وذلك بعد ثورة شعبية عارمة اندلعت منذ 17 يوماً، كما قرر مبارك تعديل 5 مواد دستورية وإلغاء مادة سادسة. وقدم مبارك اعتذاره لأسر الضحايا الذين سقطوا خلال الانتفاضة الشعبية التي اندلعت في الخامس والعشرين من يناير/كانون الثاني الماضي، وعبر عن أنه على اقتناع بصدق نوايا الشباب الذين فجروا الثورة ، مؤكداً أن دماء الضحايا لن تضيع هدراً، وشدد مبارك على أنه لن يقبل املاءات من الخارج. وتعهّد الرئيس المصري بتهيئة الظروف لإجراء انتخابات نزيهة، وتوجّه في بداية خطابه للشباب في ميدان التحرير وفي كل الميادين، قائلاً إنه يعتز بهم كرمز، وشدد على أن دماء الشهداء لن تضيع هدراً، وأنه لن يتهاون في معاقبة المتسببين عنها وسيحاسب بكل ما يقرره القانون. وأكد أنه حريص على تنفيذ كل ما وعد به، وأنه يعرف أن مطالب الشباب عادلة ومشروعة، مشيراً إلى أن الأخطاء واردة في كل نظام سياسي، لكن الحرج والعيب كل العيب هو الاملاءات الأجنبية من الخارج أياً كان مصدرها أو مبرراتها. وجدّد مبارك تأكيده على أنه لن يترشح للانتخابات الرئاسية, وأنه متمسك بالاستمرار حتى نقل السلطة لمن يختاره الناخبون في الانتخابات المقبلة. وأشار الرئيس المصري إلى أن الحوار الوطني بدأ بالفعل وأنه أسفر عن توافق مبدئي يضع أقدامنا على بداية الطريق الصحيح للخروج من الأزمة، ووضع خريطة طريق للانتقال السلمي للسلطة حتى سبتمبر/أيلول المقبل. وقال إنه بمقتضى الصلاحيات المخولة له تقدم بطلب تعديل 5 مواد دستورية مع تأكيد الاستعداد للتقدم بأي تعديلات أخرى في وقت لاحق. وتهدف تلك التعديلات لتسهيل شروط الترشح للرئاسة وتعديل مدد الرئاسة والتمهيد لإلغاء قانون الطوارئ. وشدّد الرئيس المصري على أنه لم يخضع يوماً لضغوط أو املاءات، وأنه عمل على أمن واستقرار مصر. وفي نهاية الخطاب الذي يبدو أنه حاول استثارة عواطف المصريين قال مبارك إنه قرر تفويض صلاحيات رئيس الجمهورية لنائبه عمر سليمان وفقاً للنحو الذي يحدده القانون. من جهته دعا نائب الرئيس المصري عمر سليمان الشباب المصري للعودة إلى "ديارهم وأعمالهم" مؤكدا ان "حركة شباب 25 يناير نجحت في إحداث تغيير هام في مسار الديمقراطية " . وقال سليمان "يا شباب مصر وأبطالها عودوا إلى دياركم وأعمالكم، الوطن يحتاج الى سواعدكم". واعتبر ان "هذه ساعة فاصلة في تاريخ الوطن تتطلب من كل الشرفاء الحريصين على امن واستقرار مصر ان يتحدوا ويحكموا العقل وان ينظروا الى المستقبل". واضاف "لقد بدأ التغيير واتخذت القرارات الدستورية" في إشارة الى طلب الرئيس المصري من مجلس الشعب تعديل خمس مواد في الدستور وإلغاء مادة سادسة. وأشاد سليمان مطولا بمبارك "وحسه الوطني وانحيازه للمطالب المشروعة للشعب (..) وإدراكه لخطورة المرحلة الدقيقة التي تمر بها مصر في الوقت الراهن". وقال "بعد ان فوضني بتحمل مسؤولية العمل الوطني للحفاظ على امن واستقرار مصر والحفاظ على مكتسباتها وإعادة الطمأنينة إلى جموع المصريين، اطلب من الجميع المساهمة في الوصول الى هذا الهدف وليس لدي شك ان الشعب قادر على حماية مصالحه". وتابع "لقد فتحنا باب الحوار وتوصلنا الى تفاهمات ووضعت خريطة طريق لتنفيذ معظم المطالب" التي طرحها الشباب ، وتعهد ب"الحفاظ على ثورة الشباب ومكتسباتها". وبعد إعلان المجلس الأعلى للقوات المسلحة الخميس أنه في حالة انعقاد دائم لمتابعة الأوضاع في مصر التي تشهد احتجاجات متواصلة ضد حكم الرئيس حسني مبارك الممتد منذ 30 عاماً، تناقضت البيانات والتصريحات والتسريبات عن الخطوة القادمة، وفي كل الأحوال فإن مصر تقف الآن على أبواب الجمهورية الرابعة بعد جمهوريات عبد الناصر والسادات ومبارك. وأذاعت قناة "النيل الإخبارية" صوراً لاجتماع بين الرئيس مبارك ونائبه عمر سليمان، كما ذكرت أنه اجتمع برئيس الحكومة الفريق أحمد شفيق. وعقد المجلس الأعلى للقوات المسلحة اجتماعه برئاسة حسين طنطاوي، القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع، ودون حضور مبارك الذي يرأس المجلس، وأصدرت القوات المسلحة بيانها الأول جاء فيه :"انطلاقاً من مسؤولية القوات المسلحة والتزاماً بحماية الشعب ورعاية مصالحه وأمنه وحرصاً على سلامة الوطن والمواطنين ومكتسبات شعب مصر العظيم وممتلكاته وتأكيداً وتأييداً لمطالب الشعب المشروعة". وقال البيان إن المجلس قرر "الاستمرار في الانعقاد بشكل متواصل لبحث ما يمكن اتخاذه من إجراءات وتدابير للحفاظ على الوطن ومكتسبات وطموحات شعب مصر العظيم". وقال موظفون عموميون: "إنه في تمام الساعة الثانية عشرة من ظهر الخميس صدرت لنا أوامر بالعودة إلى منازلنا وتحذيرات بعدم النزول إلى ميدان التحرير".