ساعدت الطفرة التكنولوجية الهائلة في العقدين الماضيين على تغيير الكثير من طباعنا العملية والاستهلاكية والترفيهية، فالإنترنت وأجهزة الهاتف الذكية كان لهما الدور الأكبر في هذا التغيير الجذري الذي طال الأفراد والمنظمات وحتى الدول. القدرة الكبيرة على توصيل المعلومة آنيا وبلا قيود، إضافة للتنوع الهائل للمصادر وعدم وجود أي عوائق للدخول أنتج صناعة إعلامية جديدة أصبح الكل يعرفها باسم الإعلام الجديد، كما تحول مصدر المعلومة من مصادره التقليدية: التلفزيون والصحف والمجلات والراديو إلى مصادر جديدة: المدونات والصحف الإلكترونية وتطبيقات الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية وشبكات التواصل الاجتماعي ومواقع تشارك الفيديو والصور. بدأنا نرى نماذج لشركات إنتاج إعلامية تخصصت في الإعلام الجديد، ورأينا مع الوقت انجذاب شركات سعودية كبرى للإعلان في قنوات هذه الشركات على يوتيوب أو فيسبوك وغيرهما للوصول إلى ملايين المشاهدين والمستهلكين. الإعلام الجديد برز كثيرا في منطقتنا بسبب أحداث الربيع العربي ومن زاوية مواقع التواصل الاجتماعي على وجه الخصوص، وهو وإن كان في باقي دول العالم قد استطاع أن يهز عرش صاحبة الجلالة كمصدر أساسي للمعلومة ونشر الإعلان فإنه في منطقتنا لم يبدأ بتأثيره هذا إلا مؤخرا وبشكل أقل حدة. ويخطئ جدا من يخلط بين الإعلام الجديد وأدواته، فالإعلام الجديد هو كفكرة وتوجه إعلام آني غير مقيد فكريا أو سياسيا أو إعلانيا، وهو إعلام جماهيري غير نخبوي، أما أدواته فهي متعددة ذكرنا بعضها سابقا وتتميز بالتجدد والتغير لتستفيد من التطورات التكنولوجية. سعوديا، بدأنا نرى نماذج لشركات إنتاج إعلامية تخصصت في الإعلام الجديد، ورأينا مع الوقت انجذاب شركات سعودية كبرى للإعلان في قنوات هذه الشركات على يوتيوب أو فيسبوك وغيرهما للوصول إلى ملايين المشاهدين والمستهلكين من شبان وفتيات لم يعد الإعلام التقليدي يخاطبهم بطرحه النخبوي أحادي الاتجاه وغير التفاعلي. حتى إن الشركات العالمية المتخصصة في الإعلام الجديد بدأت في الاستحواذ على النماذج الناجحة وطنيا كما حصل مؤخرا مع أحد مواقع الألعاب الجماعية السعودية على الإنترنت وبقيمة تجاوزت 10 ملايين دولار. صناعة الإعلام التقليدي مكلفة جدا، ورقية كانت أم تلفزيونية، وحواجز الدخول عالية ومحفوفة بالمخاطر، كما أنها تستلزم استثمارات كبيرة في بناها التحتية، ومصدرها الأساس في الدخل هو الإعلان، بينما تنخفض أرقام متابعيها يوميا. أما الإعلام الجديد فأصبح يصل لشرائح أكثر، وبسرعة أكبر، ويدار من عقليات شابة غالبا ما لا تضع قيودا على المحتوى أو تؤدلجه. لذلك أجزم هنا بأن إعلامنا التقليدي يشهد عقده الأخير من النمو، وستتغير هيكلته خلال العشر سنوات الحالية نتيجة وصول الأجيال الشابة التي تشربت أدوات الإعلام الجديد إلى غالبية شرائح الاستهلاك. كما أن أرقام التوزيع للصحافة الورقية الوطنية ستستمر في الانخفاض سنويا، وستختفي المجلات الأسبوعية والشهرية، وستقل نسب المشاهدة على القنوات التلفزيونية المختلفة باستثناء الإخبارية منها والرياضية، فيما ستتجه جحافل المستهلكين السعوديين الشباب إلى تويتر وفيسبوك ويوتيوب والصحف الإلكترونية ومتاجر التطبيقات والمحتوى لتلبية شغفهم المعلوماتي والترفيهي. لذلك أقول لك يا سلطتنا الرابعة، يا صاحبة الجلالة: إما أن تتغيري أو لترقدي بسلام!. www.alkelabi.com twitter | @alkelabi