تُصبحُ كل محاولات التربية من جديد شبه مستحيلة .. عندما تتمرّد الطفولة فتتحوّل إلى شغَبٌ يمحي ملامح البراءة عن وجوهٍ لم تتجاوز سن المراهقة !!، وللفتاة تحديدا وخارج إطار منزلها مكتسبات شاذّة من صديقات السوء أو الذئاب البشرية الكامنة وراء محيطٍ آخر، وقد تكون مسببات تلك المكتسبات أحياناً بين أركان منزلها .. وذلك حينما ينتثر أفراد العائلة أمامها واحداً تلو الآخر كعقد لؤلؤ كانت تقتنيه وتُحبّه، وفور سقوط حبّاته .. وعندما يُصبح العقد بدون لؤلؤة المتربط لا جدوى منه .. تبحث عن بديل له عندها في مكانٍ آخر، .. قصص كثيرة بعددها وكبيرة بحجمها ساقتها إلى الميدان مؤسسة رعاية الفتيات بمحافظة الأحساء، هذه المؤسسة التي يعود سبب تسميتها بهذا الاسم إلى تأهيل ورعاية ممن انحرفن عن جادة الصواب، وذلك بتعليمهن وإرشادهن نفسياً وحل المشكلات الاجتماعية لهن ومساعدتهن على تقويم سلوكهن .. الكثير من الإثارة في هذا الموضوع الذي يسلط الضوء على الدور الإنساني الذي تقدّمه هذه المؤسسة لفتياتها، وغير بعيد عن قصصهن المثيرة بأسبابها وتداعياتها ننقلكم إلى هناك : تعريف وأهداف في البداية تحدثت مديرة المؤسسة سميرة سويد السلطان وعرّفت المُنشأة فقالت :" .. هي مؤسسة اجتماعية تندرج كأحد فروع وزارة الشئون الاجتماعية التي تقوم على رعاية وتأهيل الأحداث، وقد تم افتتاحها عام 1400 ه، واستقبلت الحالات عام 1402 ه، وتنقسم المؤسسة إلى سبعة أقسام مُتفرّقة ذات برامج مُختلفة، وأهمها القسم الديني الذي يهدف إلى تقوية الوازع الديني للفتيات، وربطهن بالخالق عز وجل من خلال المحاضرات الدينية التي توقظ الضمائر وتفتح أبواب محاسبة النفس، كما يضم حلقات لتحفيظ القرآن الكريم عن طريق مرشدات دينيات من داخل المؤسسة وخارجها، أما دور القسم الاجتماعي فهو يُعنى بدراسة حالة الفتاة وأسباب المشكلة وحلّها عن طريق أخصائيات اجتماعيات، ومنه يندرج القسم النفسي الذي يخص مشاكل الفتيات، ويُعنى بالدرجة الأولى بتشخيصها وحلّها لدى الفتاة، ودراسة الاضطرابات السلوكية، وعمل المقاييس النفسية أثناء الجلسات؛ لتحليل المشكلات ومن ثم تحويل الفتاة التي تستدعي حالتها للعلاج الدوائي إلى الطبيب النفسي"، ومن الجانب الطبي أفادت السويد أن المؤسسة تحوي أيضاً قسما طبيا خاصا يُعنى بعمل محاضرات طبية توعوية وتثقيفية، وتسليط الضوء لمنسوبي المؤسسة على كيفية الاهتمام بصحة النزيلة دورياً" لوائح وعلى ذكر خروج الفتيات والإجراءات قالت السويد :" يتم إطلاق سراح الفتاة بكفالة حسب اللوائح والأنظمة المعمول بها، وفقاً لنظام الإجراءات الجزائية، وبتوجيه من الجهات المعنية لنا بذلك"، وعن النظام التعليمي أشارت السويد إلى أن النظام يُسهّل عملية استكمال الفتاة لتعليمها حتى وإن كانت منقطعة منذ أعوام، وقالت :" يوجد فريق تعليمي متكامل، يُنتدَب من وزارة التربية والتعليم بدوام كامل، وفصول تعليمية شاملة، تحوي المناضد والكراسي والوسائل التعليمية بأكملها، وقد نفت تطبيق المؤسسة عقوبة التغريب للفتاة السعودية كونها ليست من بنود الوزارة، وذلك لحرصها على أن تحوي مواطناتها تحت جناح مُنشأة تحفظهن من التمادي في قضاياهن" تنمية القدرات وأردفت السويد :" تضُم المؤسسة أيضا قسما متكاملا لإقامة البرامج والأنشطة التي تكتشف المؤسسة من خلالها قدرات ومهارات الفتيات، كما تحرص كل الحرص على تنمية مواهبهن عن طريق عمل دورات مهارية وفنية، ومن ثم عرض منتجات الفتيات بمعرض المؤسسة، حيث يمكن للمؤسسة المشاركة في المهرجانات العالمية كالجنادرية، وذلك بتخصيص ركن خاص بها في الجناح الشرقي الذي كان يحوي منتجات شعبية من إعداد فتيات المؤسسة، ولا ننس هنا دور قسم الأنشطة المسرحية والذي يعتبر الجانب الذي يطرح مشكلات الفتيات بسيناريو قصصي كنوع من العلاج الدرامي، أما القسم الأخير فهو القسم الذي يشارك بإعداد المسابقات الأسبوعية كنوع من العلاج الجماعي، وتنمية المواهب، واكتشاف القدرات، وشغل أوقات الفراغ بما هو نافع، ومتابعة الفتاة بعد إجراء المقابلة الأولى لها مع مشرفة البرنامج؛ لتحديد ما يناسبها من أنشطة وبرامج؛ ليتسنّى لفريق العمل التعاون في تجهيز وإعداد الأنشطة والبرامج المناسبة لها على مستوى خدمة فرد أو خدمة جماعة، كما تهتم مشرفة الرعاية اللاحقة على الاجتماع بالأهالي، والتعرف على طبيعة العلاقة مع بناتهن؛ ليسهل التواصل معهن بعد خروج الفتاة من المؤسسة ومتابعتهن "، وحول الإجراءات المتبعة مع النزيلات قالت السويد :" تندرج النزيلة تحت ارتكاب قضية تستوجب التوقيف حسب اللائحة، وأن تكون سعودية الجنسية، إضافةً إلى أن الفئة العمرية لا تتجاوز الثلاثين سنة" ترفيه وعن الخدمات المقدمة للنزيلة على الصعيد الشخصي قالت السويد :" نهتم بالدرجة الأولى فيما يفيد الفتاة ذاتياً وخارجياً، فتهتم المؤسسة بدمج الفتاة لبرامج تقدير الذات، وإعادة بناء الثقة، وهي برامج مهارية نقوم فيها كإدارة للمؤسسة ومسئولين عن ذلك بالتعاون مع فريق الأخصائيات الاجتماعيات والأخصائية النفسية ومشرفة برنامج الرعاية اللاحقة"، وفي سياق حديثها عبّرت السويد عن مدى البهجة التي تخالج الفتيات من الأساليب الترفيهية التي تسعى المؤسسة لتوفيرها كالبرامج الأسبوعية، والاجتماعية، والثقافية، والمسابقات مثل "أجمل عمل يدوي"، "أجمل رسم"، "أجمل طبق"، "أجمل أبيات شعر أو مقطوعة أدبية"، "حل ألعاب ذكاء على ثلاث مراحل"، المُنشدة المتميزة"، وبعدها يتم مكافأتهن حسب اختيارهن ورغبتهن، بالإضافة إلى برامج المسرح الأسبوعي لإظهار إبداعاتهن بالتمثيل والإلقاء والإنشاد، كما تحرص الإدارة على إقامة ليلة سمر للمتميزات يقضينها في فناء المؤسسة، ويتم فيها توفير الوجبات الخارجية حسب طلبهن، إذ يُعتبر يوما مفتوحا يتخلله اللعب والشواء والتنفيس عن ما تختزنه أنفسهن من ضيق، وذكرت السويد أن الأطعمة التي يتم تأمينها يومياً طازجة حسب طلبات الإعاشة المصروفة، كما يتم تبديل المواد حسب طلب ورغبة المقيمات" عمل متكامل ومن جانب العمل المتكامل للأقسام قالت السويد :" يُعتبر تأهيل الفتاة من البرامج الأساسية المُقدّمة للفتيات، إذ تشترك الأقسام : الاجتماعي، والنفسي، والتوجيه والإرشاد الديني، والتعليمي، والرعاية اللاحقة، والأنشطة، كفريق لإعادة تأهيل الفتاة، وذلك من خلال تشجيعها والأخذ بيدها؛ لتغيير أسلوب حياتها وأفكارها السلبية، ووضع هدف تسعى لتحقيقه، والهدف الذي تتطلع إليه المؤسسة من ذلك إبراز وتحسين النظرة الذاتية لهذه الفئة من خلال عمل برامج توعوية هادفة تسعى إلى تحقيق التقبّل لهذه الفئة بعد خروجها إلى المجتمع"، وتحدّثت السويد عن الإجراءات التي يتم إتباعها مقابل رفض بعض العوائل استلام فتياتهن بحيث يتم عرض وضعها لمقام الإدارة التي تُوجّه بكيفية التصرف حيال الأسرة أو النزيلة، أو بإيداعها في أحد الدُور حسب الحالة" تزويج وعن الزواج أوضحت السويد أنه مشروع تُطبّقه المؤسسة ضمن الخدمات المُقدمة للنزيلات، وبالأخص اللاتي لا يرغب أولياء أمورهن استلامهن، فيُطبّق بحقّهن قرار المجلس الأعلى الذي يرفع فيها إلى لجنة التكافؤ الأُسري بإدارة المنطقة الشرقية، ومن ثم يستكمل إجراءات الزواج، وقد طُبّق هذا البرنامج على أكثر من نزيلة، وفي نفس السياق أوضح رئيس لجنة التكافل الأسري غازي الشمري دور المؤسسة كإدارة تتبع وزارة الداخلية، معنية بخدمة المواطنين والمواطنات، مُبيّناً دورها الإصلاحي الذي يصُب في خدمة المتواجدات فيها حسب النظام والاستطاعة، وفيما يخُص دوره كرئيس لجنة التكافل الأسري أفاد أنه سبق وتعاون مع المؤسسة بتيسير الأمور وتقديم ما في استطاعته، حيث يُساهم في التكافل الأسري بتزويج الفتيات ومحاولة إصلاح ما بينهن وذويهم، وقد نوّه على تزويجه لأكثر من خمس فتيات هذا العام، وتيسير أوضاعهن، بالإضافة إلى التواصل معهن، والإصلاح فيما بينهم وأزواجهن. أحد الفصول الدراسية