تمثل الهجمات السيبرانية التي ارتفعت في دول الخليج العربي على مدى السنوات القليلة الماضية، خطرًا متناميًا على الأنشطة التجارية. وبحسب تقرير لوحدة تحليل المعلومات في مجلة «ذي الإيكونوميست» البريطانية، فقد تعرضت المواقع الالكترونية بالقطاعين الحكومي والخاص لهجمات متكررة من خلال برامج «الفدية»، والبرمجيات الضارة، وهجمات الفيروسات، وآخرها من خلال استخدام التشفير الخفي. وبات تصاعد هذا التهديد مصدر قلق لدول مجلس التعاون الخليجي التي تركز حاليا على جذب الاستثمارات وتطوير بيئة عمل شفافة بعد انخفاض أسعار النفط عام 2014. وللمساعدة في تحقيق هذه الأهداف من الأهمية بمكان أن تقوم الحكومات بتعزيز الأمن السيبراني للتصدي لهذه الهجمات. وفقاً للإحصائيات الصادرة عن هيئة تنظيم الاتصالات في الإمارات، واجهت البلاد 86 هجومًا عبر الإنترنت في أول شهرين من عام 2018، وفي فبراير من نفس العام حاول مجرمو الإنترنت اختراق موقع وزارة الداخلية الكويتية، وفي ديسمبر 2017 تعرض نظام شركة أرامكو السعودية لهجوم من قبل البرمجيات الخبيثة. وفي مايو 2017، كانت جميع دول مجلس التعاون عرضة لهجوم فيروس الفدية الشهير مما سلط الضوء على الحاجة إلى دعم الاستعداد الإلكتروني في معظم هذه البلدان. وينوه التقرير إلى أن عملية الرقمنة في دول الخليج باتت جزءًا مهمًا من السياسة الاقتصادية، ولذلك أصبحت الشركات والخدمات الحكومية عبر الإنترنت في المنطقة أكثر عرضة للهجمات السيبرانية. واستثمرت الدول الخليجية في الأمن السيبراني ولكن ليس بالشكل الكافي للتعامل مع العدد المتزايد من الهجمات الإلكترونية وتواترها. لذا تدعو مجلة الايكونوميست الخليج العربي إلى تبني سياسات وأطر تنظيمية أكثر فعالية للتصدي لحجم الهجمات الهائل مع تعديل قوانين الأمن الإلكتروني. وتركز جهود الخليج في الفترة الأخيرة خصوصا الامارات على التحول من استهلاك التكنولوجيا الرقمية الى الدخول في مجال الابتكار ولكنها تفتقر حاليًا إلى القدرة على تحقيق ذلك بشكل جيد بسبب ندرة الخبرات في مجالات مثل الأمن السيبراني. وتمثل التحديات التنظيمية المتعلقة بالتكنولوجيات أكبر العقبات القائمة، حيث يتطلب الأمر التعامل خليجيًا مع هذه القضايا من وجهة نظر محلية ودولية والتركيز عليها في السنوات القادمة. ويؤكد التقرير على دور القطاع الخاص في هذا الصدد، حيث تسعى الشركات في المنطقة لزيادة الاستثمارات في الأمن السيبراني، ولكن ضمان النجاح يتطلب تطوير بيئة جاذبة للخبراء والعلماء والكوادر الأكاديمية من داخل وخارج البلاد على حد سواء؛ للابتكار في المجالات ذات الصلة. وعلى الرغم من كافة هذه الجهود يجب على الشركات أن تدرك أن الهجمات السيبرانية تتطور من حيث أساليبها وطرقها ولا يمكن إيقافها بالكامل، مما يستدعي تشكيل فرق إدارة المخاطر باستمرار جنبًا إلى جنب مع خبراء الأمن السيبراني والوكالات الحكومية والهيئات التنظيمية؛ لتدارك التهديدات المستمرة للهجمات السيبرانية ووضع خطط شاملة لخفض مخاطرها على العمليات التجارية. كما يجب أن يتسم تطوير الاستعداد للأمن السيبراني بجهد خليجي شامل وليس عملًا فرديًا على مستوى الشركات الوطنية والخاصة.