يعتبر مفهوم الوقت والصراع مع الزمن ومداه فكرة وموضوع بحث لم ينفصل أبدا عن تجارب الفن التشكيلي المتعددة في كل مراحلها الحداثية، تلك التي اعتمدته في أساليبها للتعبير عن هلامية وانسياب وضيق يحاكي الحالات بين الحنين والماضي والذاكرة والواقع. ومع تطور الفنون البصرية أصبحت للمفهوم تركيزات متواترة من خلال العالم الرقمي والحسي ومن خلال اللا وقت الذي يستنزف الأفكار، وهو الموضوع الذي ركّز على تفاصيله الفنان البصري المصري أحمد محسن منصور، حيث عمل على تحديده والتعبير عنه من خلال فن الفيديو المفاهيمي. الوقت كمفهوم وقيمة وعنصر بحث هو ما تبناه في التقنية كصورة وأداء وتفاعل عاطفي مع المفهوم الراسخ في الوقت وتناقضات الاهتمام واللا مبالاة. وهذا المشروع الذي تبناه في عمله جاء بالتعاون مع المؤسسة الثقافية السويسرية «بروهلجيتسيا»، التي تفتح سنويا باب الترشح للفنانين المعاصرين لتقديم مشاريعهم، حيث اختير أحمد منصور أحد المشاركين العرب في المشروع، من مواليد مصر 1987م، ويقيم في السعودية حاصل على الدرجة العليا في الفنون المعاصرة من كلية الفنون الجميلة بمشروع عن الفنون التنصيبية والتركيب، ودوره في خلق المقاييس الجمالية في التصميم، وشارك في عدة معارض وورش فنية في العالم كمخرج أفلام فيديو آرت ومصور فوتوغرافي في كل من مصر ولندن والمانيا وفرنسا واسبانيا والإمارات والسعودية. يقول أحمد منصور: «لا يوجد وقت»، هذا التساؤل الذي يخزّنه في ثنايا بحثه وطرحه هو تجربة الصراع مع الوقت، حيث لم يعد لديه الوقت الكافي ولا يملك منافذ القبض على الوقت، ومن هنا بدأت فكرته التي حاول من خلالها السيطرة أو التحكم في سرعة الوقت ليتقبل الوقت كفكرة ويحدد مسارها ليشعر ببطئها. كما أضاف منصور: «لم أحصل على مزيد من الوقت للتعبير عن نفسي أو إنشاء عمل فني جديد بسبب الكثير من الصراعات اليومية وأحداث الحياة ومتطلباتنا؛ لذلك قررت فتح كاميرا الفيديو الخاصة بي وبدء تصوير أي شيء خلال يومي في محاولة للتفكير إلى أي مدى يمكن أن يكون كل من اللا مبالاة والروتين لدى أي شخص في هذه الحالة، فاللا مبالاة هي نقص في الشعور والعاطفة والاهتمام والقلق، اللا مبالاة هي حالة من اللا مبالاة في حد ذاتها، هي قمع العواطف مثل القلق والإثارة والتحفيز، فالشخص الذي لا مبالاة لديه لا يحمل الاهتمام أو القلق بشأن الحياة العاطفية والاجتماعية والروحية والفلسفية والمادية والعالم ككل». في منجزه التصويري يعتمد منصور على عدة تقنيات بصرية ويعيش الحالة كأداء تعبيري يوظفه خدمة للمفهوم وهو الصراع، فالوقت هو المصور الرئيس للأحداث، وهو البعد الذي يحدّد مكان الكائن في الفضاء الشاسع، بطريقة أكثر دقة بدلا من الاعتماد على الأبعاد الثلاثة الرئيسة (الطول والعرض والارتفاع). كاتب في الفنون البصرية