منذ أن نقلت وسائل الإعلام خبر عقد لقاء محتمل قريبا بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون لم تنقطع التساؤلات والتحليلات والتعليقات عما قد يقوله العدوان اللدودان للآخر. اللقاء المرتقب الذي وضع لبناته رئيس كوريا الجنوبية المتمرد على واشنطن، اعتبر كثيرون مجرد حدوثه انتصارا دبلوماسيا يجني ثماره المجتمع الدولي. وبحسب «آسيا تايمز»، فإن موافقة دونالد ترامب على مقابلة كيم جونغ جاءت بعد استقباله مستشار الأمن القومي لكوريا الجنوبية تشونغ إيوي يونغ في لقاء مطول حضره كبار موظفي إدارته في البيت الأبيض. المستشار تشونغ كان قد التقى كيم الأسبوع الماضي في بيونغ يانغ، ونقل إلى ترامب قوله: «سأكون قادرا على تحقيق نتيجة هامة إذا ما التقيت بالرئيس دونالد ترامب وتحادثت معه»، وردت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض سارة هوكابي: «ترامب سيقبل الدعوة للقاء وستبقى العقوبات في مكانها». من أولى الملاحظات التي لفتت انتباه المراقبين أن الجنوبيين الذين يقومون بهذه الوساطة يتقدمون المشهد بينما بقي ترامب في الظل على غير المعتاد. وقالت الصحيفة: «رئيس كوريا الجنوبية مون جاي إن- الذي سعى منذ اليوم الأول لتوليه منصبه إلى رسم خط مستقل إلى حد ما للتعامل مع الشماليين- رحب على لسان متحدث باسمه بالاجتماع المرتقب، وقال: إن الاتفاق على الاجتماع في حد ذاته علامة فارقة». وكوريا الشمالية تأسست كما هو معروف في 1948 بعد تقسيم شبه الجزيرة الكورية في أعقاب الحرب العالمية الثانية 1945، ولم يحدث خلال السبعين سنة الماضية ان اجتمع رئيسها برئيس امريكي اثناء وجوده في السلطة. وارفع اجتماع تم بين رئيسها الراحل كيم جونغ إيل، ووزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، مادلين أولبرايت في الاشهر الأخيرة من ادارة كلينتون واجهضت نتائجه بوصول ادارة جديدة للبيت الأبيض، والرئيس ترامب امامه فسحة من الوقت ليحقق شيئا في الثلاث السنوات المتبقية من ادارته. وأشارت «آسيا تايمز» إلى أن ما يعزز التفاؤل بهذا اللقاء المنتظر، التطور السريع الذي تم عقب تبادل الرئيسين الشتائم والتهديدات بإعلان الحرب وافتخار كل منهما بما لديه من ترسانة نووية، فالانتقال السريع من التهديد بالحرب إلى إعلان اجتماع محتمل بين الزعيمين غير مسبوق حتى في العلاقات بين شطري الجزيرة. ولعب الرئيس الكوري الجنوبي، الذي مد بساط التواصل مع جارته الشمالية، دورا هاما عبر ما سماه «اولمبياد السلام» أو ما يمكن ان يطلق عليه التبرير الكبير لتمهيد الطريق، فقد انتقل الحديث من الموافقة الى التساؤل عن أين سيعقد اللقاء؟. ومن المعروف ان كيم تلقى تعليمه في سويسرا وهذا قد يجعل جنيف مقرا محتملا، وان كانت لا تحظى بأهمية تذكر لأي من البلدين. وترى الصحيفة، أن علاقات كيم مع الصين وعدم لقائه الزعيم الصيني، شي جين بينغ، لا يجعل بكين خيارا مقبولا، كما ان الزعيم الكوري الشمالي لم يسبق له السفر خارج حدود بلاده منذ توليه السلطة في 2011، ما يستبعد احتمال سفره في رحلة خارجية أولى واشنطن، وعلى الجانب الآخر قد لا يتردد ترامب المعروف بحبه للمغامرة في خطف رجله إلى بيونغ يانغ. وتتجه الأنظار حاليا الى قرية «بانمونجيوم» على الحدود بين الكوريتين داخل المنطقة منزوعة السلاح، فقد تكون الخيار الأفضل خاصة وأن عددا من الرؤساء الأمريكيين سبق لهم زيارتها، فهل يعقد ترامب وكيم لقاءهما في هذه القرية الواقعة على الجانب الجنوبي من الحدود الشهر القادم؟. وفي الولاياتالمتحدة عبرت شخصيات بارزة في الادارات السابقة عن تفاؤلها، وقال كريس هيل، مبعوث الرئيس الامريكي الاسبق جورج دبليو بوش «لم أقترب قط من امكانية عقد مثل هذا الاجتماع بين الرئيس بوش والكوريين الشماليين، هذا تطور كبير». في المقابل، قال الكاتب والصحفي الذي غطى احداث كوريا في 1972، دون كيرك «الذين يراقبون الشأن الكوري منذ أمد بعيد عبروا عن دهشتهم لما يجري .. التاريخ الكوري مليء بالمفاجآت وهذا واحد منها .. سيكون سابقا لأوانه القول ان في ذلك حلا للمواجهة بين الكوريين لكنه يبدو علامة فارقة دون شك». من جانبه، قال مؤلف كتاب «كوريا: البلد المستحيل»، دانييل تيودور: «كم كنت قلقا بشأن المستقبل لكني الان احس بالغبطة والارتياح.. لقد سبق ان ضحك الناس على مزحة تناول ترامب البيرغر مع كيم جونغ أون.. الآن لم يعد ذلك مجرد مزحة، بل هذا من الممكن أن يصبح واقعا، ولا نستبعد في القريب أن تطأ أقدام مسؤولين أمريكيين الأراضي الكورية الشمالية، والعكس». ولفتت «آسيا تايمز» إلى أن هذا اللقاء إن عُقد، سيكون خطوة تاريخية لها أهميتها، وسيوفر لأحدهما أو كليهما مسرحا دبلوماسيا باهرا.