هذا الأسبوع كان حافلاً عربياً، بعواطف متنوعة. والسبب جولة الأمير محمد بن سلمان إلى مصر وبريطانيا والحفاوة اللافتة التي أبداها القادة المصريون والبريطانيون، بتجاوز التقليديات والبرتوكولات وإظهار الحفاوة بما يليق بزعيم مهم وفذ. وبمنطق الدبلوماسية، الحفاوة اللافتة رسالة تعني أن هذه الشخصية فائقة الأهمية لدى المضيفين. وأهمية القادة تنسحب على أهمية بلدانهم. مثلاً لو زار مصر نائب رئيس في دولة عربية غير المملكة، فإن الرئيس عبدالفتاح السيسي، على الأرجح، لا يكلف نفسه الاجتماع به، لو زار ذات النائب بريطانيا لما فكرت الملكة في دعوته حتى للتعارف. وشخصية سمو ولي العهد الحاضرة الفاعلة الطموحة والحفاوة التي اتسمت بها الزيارة، قسمت، كما هو متوقع، بني يعرب إلى فسطاطين؛ فسطاط الفرح والمسرات والفخر والزهو، وفسطاط السوء والمناحات والتزييف وتحريف الكلم عن مواضعه والاختلاق وضجيج الأبواق. ومنذ انكشاف عورات حزب الله وسقوط الاقنعة، ومنذ انخرط الإخوان المسلمون والقوميون البائسون في مشروع أوباما الإيراني، تعودنا أنه حينما يحدث فعل سعودي مؤثر، تصاب آلة الردح الحقادة الضجاجة بالجنون، وتنتفض شبكات الفتنة، من اسطنبول وطهران وبيروت ولندن إلى بغداد والدوحة والقاهرة وتونس والجزائر. وتخرج الثعابين من جحورها تنفث السموم، وتصاب الخفافيش بالهلع الوطاط، تشتم وتفبرك وتختلق وتلفق، ويقيم المستأجرون والمتطوعون (الحاقدون والبلهاء والبُهّات) مآتمهم ونواحاتهم. كَأَنَّ ارْتِجازَ الجُعْثُمِيّاتِ وَسْطَهُم نَوائِحُ يشفعْنَ البُكا بِالأَزامِلِ (أبو ذؤيب) وحشدت الميكافيليات والأحزاب وشبكات السوء والفتنة والعبط و«التهليس»، كل قواها وانخرطت في الحفلة. وإحداهن تلعلع في قناتها الذهبية الملوثة وتملأ الفضاء بالسواد وحشف القول. وَمَا أُمُّ الرُّدَيْنِ وإنْ أدَلّتْ بعالمةٍ بأخْلاقِ الكِرامِ (ابن الاعرابي) حسناً، القوميون المتخلفون المصابون بهوس الأنانية والفراغ والمفجوعون بصدمة الانهيار المريع، نعرفهم جيداً ونعرف ما كسبت قلوبهم ومواقفهم وتنوع سمومهم وحتى سطحياتهم «هبالهم»، وأصبحت لدينا مناعة حيوية ضد ضجيجهم، بل أثبتوا أنهم ليسوا سوى مهرجين يقدمون وصلات تسلية ل«تونيس» المرضى المصابين ب«ارتكاريا» تطورت لاحقاً إلى «فوبيا السعودية». وبعد أن تمسكن «الإخوان المسلمون» وضللونا طويلاً، أصبحنا نعرفهم ونعرف خلطاتهم وأنواع سمومهم. إلا أننا نرأف ل«الذيول» الذين ينخرطون في حفلة الضجيج، فهم ليسوا قوميين ولا إخواناً، لكنهم يشاركون بحافز «البله» أحياناً، وأحياناً استجابة للواعج مريضة تنتابهم ولا يحسنون تفريغها، إلا بشتم السعودية، أو أنهم يريدون أن «يتملحوا» ويقدموا وثيقة براءة كي تعترف بهم الأحزاب والشبكات التي روجت طويلاً في الأوساط العربية أن من يشتم السعودية ويستخف بالسعوديين فهو تقدمي ونهضوي وطليعي. بينما الحقيقة على الأرض تشهد أنهم رجعيون جداً ومتخلفون وأفئدتهم هواء، وقد اكتفوا بالنواح وجعلوا من الشتم بضاعة ثم «نوم طويل عميق» و«أحلام وردية»، بينما السعودية يقظة، تنهض وتتقدم وتسبقهم بمسافة طويلة في كل مجال تقريباً، وتطرح مشاريعها الناهضة وتكتب التاريخ، وهذا بالضبط ما يجعلهم يصابون باضطرابات عصبية ثم يدمنون الردح ومزيداً من الهبال..! *وتر الرياض.. بيت العرب.. ورمزهم.. مزهوة تنهض.. بيد بناء ويد عطاء.. ومآذن البيت العتيق تمد رسالة النور.. إلى آفاق الأرض.. وأفئدة تهوي إلى كلمة الله وشمس السلام..