لا يمكن متابعة الجولة الخارجية لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، من مصر إلى بريطانيا، دون العودة الى رؤية 2030 التي سبق وأطلقها سموه في 7 يونيو 2016 تحت عنوان «الانفتاح السعودي»، فهذه الخطة الطموح تتمركز في نقاط عدة، اقتصادية، عسكرية، اجتماعية. وتمر المملكة بمرحلة تغيير، تقودها قيادة شابة، تبدأ التحديث عبر تطوير قطاعات مثل التعليم والبنية التحتية والرعاية الصحية والترفيه والسياحة، وتنتهي بتعزيز التعاون الدولي مع البلدان العظمى كبريطانيا في مواجهة تحديات أممية، كالإرهاب والتطرف، والصراع والأزمة الإنسانية في اليمن، وغير ذلك من قضايا المنطقة، مثل الأوضاع في سورياوالعراق. انفتاح المملكة يرى الكاتب والمحلل السياسي إلياس الزغبي في تصريح ل«اليوم» أن «التحرك الواسع الذي بدأه ولي العهد، يحمل أبعاداً كبيرة تعطي المملكة حجماً تستحقه في العلاقات الدولية على كل المستويات الاقتصادية والسياسية وحتى على المستوى الأمني - العسكري». ويضيف الياس الزغبي: «لذلك فإن ولي العهد الذي أنهى زيارة مميزة ولافتة الى مصر بما تضمنته من انفتاح خاص وبارز ولافت على الكنيسة في مصر، يتابع هذه الزيارات ضمن حركته الانفتاحية المزدوجة، فهو يحقق انفتاحاً داخل المملكة على كل ما يدفعها باتجاه المستوى الحضاري العالمي، ويتابع في الوقت نفسه انفتاحاً خارجياً يجعل المملكة قبلة الأنظار السياسية الدولية، وتحديداً في بريطانيا هناك علاقة تاريخية قديمة لا يمكن تجاهلها بين المملكتين السعودية والبريطانية، حيث تأتي هذه الزيارة لتتابع هذا المسار التاريخي الناجح الذي يربط العرب عموماً والجزيرة العربية خصوصاً بالسياسة الدولية التي تشكل بريطانيا مفتاحها العام شرقاً وغرباً». محاصرة إيران ويشدد الزغبي على أن «هذا الانفتاح السعودي المميز يضع إيران في موقع المتلقي، أي في موقع رد الفعل وليس الفعل، فالفعل قد بدأ الآن يتكون ويتجمع لدى المملكة العربية السعودية طالما أنها تدفع في انتمائها إلى المجتمع الدولي، في مقابل ابتعاد إيران خطوات أكثر فأكثر عن هذا المجتمع الدولي، وتزداد انغلاقاً سواء لناحية نظامها المنغلق على نفسه الذي يتجه الى المزيد من القمع الداخلي كي يستمر، حيث يرتهن الاستمرار بمدى زمني متوسط، ولا يمكن أن يستمر هذا الاستقرار الداخلي في إيران تحت هذا النوع من الأنظمة المنغلقة، فمقابل الانفتاح السعودي هناك انغلاق إيراني وطبعاً المستقبل هو للانفتاح وليس للانغلاق». ويضيف: «نجد أن هنالك نماذج في التاريخ الحديث والمعاصر عن انغلاق لبعض الدول انتهى بمزيد من التراجع والبعد عن المجتمع الدولي. فلدينا النموذج الكوري الشمالي، ونموذج فنزويلا، ونموذج إيران والأنظمة التي سقطت من سوريا الى العراق، لذلك، فإن الانفتاح هو الشرط الضروري واللازم لتكريس الدور والرسالة والحضور والفاعلية على المستويين الاقليمي والدولي، وهذا بالضبط ما تقوم به المملكة العربية السعودية بمبادرة مباركة وناجحة من ولي العهد». مقاربات جريئة من جانبه يشدد المحلل السياسي نوفل ضو، في تصريح ل«اليوم» على أن «ولي العهد جريء في مقاربته لكل القضايا الاقتصادية والدينية، وجريء في زيارته الى الكنيسة القبطية في مصر، وجريء أيضا في طرحه للإسلام المعتدل». وقال نوفل: «نحن اليوم نعيش في صراعات طائفية ودينية في لبنان والمنطقة، لهذا أرى أنه بالجرأة بمكان أن يقوم قائد شاب بمثل هذه المبادرات الجريئة التي من شأنها أن تعطي صورة أخرى عن المنطقة وأن تقدم للعالم نموذجاً من الحياة المشتركة بين جميع الطوائف والأديان في وقت يشهد فيه العالم نظريات عدة بعضها يقول بصراع الحضارات، وبعضها يقول بصراع المذاهب والطوائف وآخرون يتحدثون عن صراع الأديان». ويمضي نوفل إلى القول: إن «هذه الزيارة سواء من الناحية الإستراتيجية، فإن القيادة الشابة في المملكة من الواضح عملياً أنها تنظر بإستراتيجية ولا تنظر بمصالح ضيقة للمملكة، وهي لذلك مهتمة جداً بمجلس التعاون الخليجي والأمن الخليجي، كما أنها تتمدد الى أهمية التفاهم العربي والجميع يعلم أن مصر هي أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان والقدرات البشرية، ويمكن، من خلال نظرة إستراتيجية كتلك التي تقوم عليها نظرة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد، الجمع بين الطاقات التي تملكها المملكة العربية السعودية من الناحية الاقتصادية والجيوسياسية، مضافة الى ما تمتلكه مصر، من شأنها أن تبني قوة عربية مهمة جداً في مواجهة التمدد الايراني في المنطقة». زيارة سمو ولي العهد تزين صدر الصحف البريطانية (تويتر)