لا شك أن الإعلام له تأثير قوي على مفاهيمنا ورؤيتنا للعالم مهما أقنعنا أنفسنا بأننا أقوى من تأثير صور وسرد إعلامي موجه. ألسنا أحرارًا في توجهاتنا ومبادئنا وآرائنا؟ أم هكذا نظن؟ ماذا عن المرأة في الإعلام؟ ما دورها وهل يعتبر إيجابيًا أم سلبيًا؟ هل يقترب للواقع أم يعطي صورة مزيفة أو منحازة ضدها؟ هناك ظاهرة قد لا تكون واضحة للغالبية وهي ظاهرة تشييء المرأة (objectification) التي نرى لها انعكاسات واسعة في شتى أنواع الإعلام. إن مصطلح تشييء المرأة هو ببساطة يعني أن ننظر للمرأة على أنها شيء وليس إنسانًا. من مظاهر تشييء المرأة هو ما نراه في الإعلام المرئي بشكل واضح. ففي أدنى مراتبه نرى المرأة زينة يتزين بها بطل الفيلم أو دمية تعتبر اكسسوارًا للسيارة مثلا. يتم التركيز على مفاتنها تدريجيًا وقد لا نرى وجهها سوى للحظات. هناك مجموعات من الأفلام والمسلسلات التي تصنف على أنها للرجال وقد تكون هي أوضح مثال لهذا التشييء، حيث تظهر فيه امرأة فاتنة واحدة ليست مهمة إلا نسبة للبطل. حتى مجتمع السنافر يكتفي بسنفورة واحدة ليهيمن الذكر على السياق ولا تتواجد الأنثى إلا نسبة إلى الرجال. ونظرًا لتكرار هذه الظاهرة أطلق عليها مسمى «مبدأ السنفورة» «Smurfette principle» وهو ما يمارس في الأفلام والمسلسلات من إضافة امرأة واحدة فقط في مجموعة من الذكور كاستثناء ووجودها لا يكتسب أهمية إلا نسبة إلى الرجال. ولكنه حتى عندما يكثر عدد النساء ويحتللن أدوارًا أكثر أهمية وأقرب للواقع نجد ممارسات التشييء والانحياز موجودة. ولعل أسهل طريقة لمعرفة ذلك هو من خلال اختبار بيخدل (Bechdel Test ) الذي يتطلب لاجتيازه أن يحوي الفيلم أو القصة مثلًا امرأتين أو أكثر يتحاورن مع بعضهن مباشرة على ألا يكون محور حديثهن رجل. ورغم بساطة هذا الاختبار إلا أن عددًا كبيرًا من الأفلام لا يجتازه. إن تشييء المرأة فيه من الانحياز ضدها كونه ممارسة تفقدها كيانها الإنساني. لذلك كان من الصعب التعاطف معها لأنه لا ينظر لها كشخص حقيقي كما أنه حسب الدراسات ينظر لها على أنها أقل كفاءة. المحزن في ظاهرة تشييء المرأة هو أن من يقوم بها الرجال والنساء على حد سواء. فبعد تشييء المرأة كشيء نسبة إلى رغبات الرجال تحصل هذه الصور الذهنية على قوة مؤثرة وتطبع فكرة أن هذا النموذج مطلب يحتذى به. بذلك تتكون صور ومن بعدها الرغبة في تقليد تلك الصور من خلال تشييء الذات. أي أن المرأة تحكم على قيمتها الذاتية من خلال شكلها وجسمها حسب توافقها أو عدمه مع الصور المتداولة عن المرأة «المرغوبة». أولى خطوات إرجاع كيان المرأة الإنساني هي بالتعرف على تلك الممارسات التي لا نستجوبها في الغالب. فكم سنفورة ترى؟.