كشف منتدى دافوس العالمي للاقتصاد عن حقائق جديدة تحتاج لتسليط الضوء عليها رغم بساطتها. فقبل عام علي سبيل المثال كانت النخبة العالمية لا تزال في حالة صدمة بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية وكان العديد من قادة الأعمال قد خططوا للسفر إلى واشنطن من أجل تنصيب هيلاري كلينتون، بدلا من مشاهدة ترامب يؤدي اليمين الدستورية. لكن علي هامش منتدي دافوس العالمي أكد ترامب معرفته أن الطريق إلى قلب الرؤساء التنفيذيين هو من خلال محفظتهم المالية، فعندما التقي ب 15 من رجال الأعمال الأوروبيين لتناول العشاء أعرب العديد من قادة الاعمال التجارية عن امتنانهم لخفض الضرائب وسياسة إلغاء القيود الرقابية. ويبدو أن عالم الشركات سعيد بالرئيس الامريكي وهي مفارقة غريبة لا ينغصها سوى مخاوف بشأن سلوك ترامب على نطاقات أوسع فقد لا يحب البعض ما يقوله لكنه يحب ما يفعله. وفي مشهد آخر من جلسات المنتدى قال تقرير لمجلة «الجارديان» البريطانية: ان ايام الخضوع لسيطرة فيسبوك وجوجل وتويتر قد انتهت حيث تعرضت وسائل التواصل الاجتماعي الى الانتقاد. وأطلق «جورج سوروس» رجل الاعمال الامريكي هجوما لاذعا بحجة ان عمالقة وسائل الإعلام الاجتماعية تستغل البيئة الاجتماعية وتقوض الديمقراطية، وقبله بساعات كانت تيريزا ماي رئيسة وزراء بريطانيا قد انتقدتهم لإعطاء يد العون للإرهابيين ومستغلي الأطفال علي حد قولها. احتل التعليم كالعادة مركزا هاما وسط نقاط النقاش بين قادة العالم في اطار الحديث عن مخاوف من القضاء على الملايين من وظائف الاقتصاد القديم من قبل الثورة الصناعية الرابعة، في حين أن قادة الأعمال يشعرون بالقلق لأن العمال لن يكون لديهم المهارات اللازمة لعصر التكنولوجيا الجديدة. وشدد القادة على أن الحل يتمثل في إحداث تغيير شامل في التعليم وقد حذر جون جودوين، رئيس مؤسسة ليجو من أن العديد من البلدان لا تزال تستخدم ممارسات التعليم التي نشأت في زمن الأجداد. وعموما كان المزاج في دافوس أكثر تفاؤلا خلال عقد من الزمان فالنمو العالمي المتزامن وارتفاع الاسواق له مفعول السحر على زعماء الاقتصادات والشركات الكبرى على حد سواء لكن هناك معتقدات لديهم كرسها النقاش. وفرضت العملات الالكترونية مثل بيتكوين وأخواتها نفسها على المناقشات خصوصا تأثيرها علي سلاسل التوريد، لكن هناك اجماعا على أن التجربة اثبتت أن العملات الافتراضية امامها وقت طويل لتسيطر على نظام المدفوعات او لتصبح وسيلة تسعير. لكن الخبراء بحسب ما اورد تقرير لموقع منتدى دافوس اكدوا ان العملات الافتراضية احد نتائج اختراق التكنولوجيا للخدمات المالية في الاعوام الماضية، وقد نجح عمالقة الصين في تنظيم مدفوعات بقيمة 15 تريليون دولار من المعاملات غير النقدية السنوية في عام 2017 بزيادة 10 اضعاف خلال عامين فقط وتشير التوقعات الي أن ثلاثة أضعاف هذه القيمة قد تتحقق في السنوات الثلاث المقبلة. وتقول شركة بيج تاتش للتكنولوجيا المالية: إن العديد من البنوك تنفق على نطاق واسع لتسخير التكنولوجيا للإنتاجية وخدمة العملاء لكن القلق يتجه صوب الاعمال التكنولوجية التخريبية. في الوقت نفسه اتسع النقاش حول دور التكنولوجيا الى الذكاء الاصطناعي والتحديات التي تفرضها الروبوتات على الشركات التجارية. لكن الخبراء اكدوا ان الروبوتات لا يمكن أن تكون مجدية في اربعة اشياء وهي الإبداع، والانشطة المتشابكة، والمهارات والتعاطف لكن المنتدى اكد أن الناس يحتاجون لتطوير مهارات ناعمة للاحتفاظ بقدرتهم على المنافسة والقيام بادوار تكميلية مع الذكاء الاصطناعي. وناقش الخبراء كفاءة استخدام الذكاء الاصطناعي في الخدمات المالية خصوصا كشف الاحتيال لكنه كان محل جدل كبير من حيث الاستخدام في الاستثمار بسبب الشكوك في القدرة على التحول وفق متغيرات السوق من خلال القراءة المستقبلية. وحول التهديدات الشعبوية للتجارة العالمية كان المصدر الرئيسي للتهديد سياسات التجارة الأمريكية، وخاصة بالنسبة للصين مما ينذر بالتحرك نحو مزيد من الحمائية. لكن مناقشات دافوس اكدت على ان العدوى الامريكية لم تنتقل للاسواق الكبرى الاخرى خصوصا الناشئة والاوروبية وقد أثبتت المؤسسات السياسية مرونة أكبر، ولم تتأثر السياسات التجارية في المقام الأول.