توقع خبراء في «المنتدى الاقتصادي العالمي» أن يفقد نحو 5 ملايين شخص في العالم وظائفهم في عصر الثورة الصناعية الرابعة التي بدأت تتضح معالمها وتحدياتها. وأكدت المسؤولة عن ملف المساواة بين الجنسين والتوظيف في المنتدى سعدية زهيدي، أن «هذا الرقم ليس كبيراً مقارنة بما كان متوقعاً في السابق». وجاء ذلك خلال «الاجتماعات السنوية لمجالس الأجندة العالمية» التي انطلقت في دبي أمس، بمشاركة 700 عالم وخبير من 75 دولة، والتي تنظمها الحكومة الإماراتية بالشراكة مع «المنتدى الاقتصادي العالمي» (دافوس)، لمناقشة تحديات مستقبل العالم في مجموعة من القطاعات التنموية والعلمية والاقتصادية والسياسية، من خلال 35 مجلساً، يناقش مستقبل العالم في ظل «عولمة المعرفة في عالم متصدع»، ومخاوف من سيناريوات عن اندلاع حرب إلكترونية خفية. وتشكل تحديات الثورة الصناعية الرابعة، والذكاء الاصطناعي والروبوتات، و «بلوك تشين»، والابتكار وريادة الأعمال، محاور رئيسة ضمن أجندة الدورة الثانية للمجالس، في محاولة وضع حلول عملية لهذه التحديات المستقبلية، وإيجاد آليات ووسائل جديدة لتهيئة الدول والمجتمعات لموجة التكنولوجيا الهائلة التي سيحدثها التطور السريع لأدوات وتقنيات الثورة الصناعية الرابعة، وأدوات القطاعات المالية التي باتت تعتمد على تقنية «البلوك تشين»، والعملات الرقمية التي أصبحت تلقى رواجاً بين المستثمرين في العالم والمنطقة العربية. ولم ينكر رئيس «المنتدى الاقتصادي العالمي» كلاوس شواب أن «هناك اضطراباً يشهده العالم في ظل الثورة الصناعية الرابعة التي سيكون لها أثر كبير في نماذج الأعمال والاقتصاد والمجتمع والأفراد». وأشار إلى «مجالس المستقبل التي أسسها المنتدى بالشراكة مع دولة الإمارات، لصوغ مبادرات جماعية تساهم في تسريع نتائج ايجابية للثورة الصناعية الرابعة». وعلى رغم التحديات المتوقعة في مرحلة الثورة الصناعية الرابعة والذكاء الاصطناعي، أكد وزير شؤون مجلس الوزراء والمستقبل محمد القرقاوي أن «الثورة الصناعية الرابعة سيكون لها أثر كبير وتغييرات ملموسة في المجتمعات والاقتصادات». ولفت إلى أن «التغيير غير المسبوق الذي ستحدثه الثورة الصناعية الرابعة في القطاعات ونماذج الأعمال المدعومة بالذكاء الاصطناعي وفعالية تعلم الآلات، سيضاعف حجم النمو السنوي لاقتصاد الدول ويرفع من كفاءة القوى العاملة 40 في المئة بحلول عام 2035، ويتوقع أن يبلغ اقتصاد التنقل الذاتي 7 تريليونات دولار، وأن تساهم إنترنت الأشياء ب10 في المئة، أي 15 تريليون دولار، في الناتج المحلي الإجمالي العالمي على مدى السنوات ال20 المقبلة». وأضاف: «سيساهم التغيير في زيادة كفاءة الطاقة عالمياً، ويتوقع ظهور قوى اقتصادية جديدة وارتفاع المنافسة التجارية العالمية التي تحددها القدرة التنافسية المبنية على التطور التكنولوجي والقدرة على الابتكار». وقال القرقاوي: «أدركت دولة الإمارات أهمية هذا الموضوع، وكانت الأولى في التحرك لوضع إستراتيجية لتبني الثورة الصناعية الرابعة، وتشكيل مجلس للثورة الصناعية الرابعة، وتحويل الدولة إلى مختبر عالمي مفتوح لتطبيقات الثورة الصناعية الرابعة، وتشكيل حكومة تضم وزراء للذكاء الاصطناعي والعلوم والصناعات المتقدمة والأمن المائي والغذائي». وشدد على أن «مجالس المستقبل العالمية ستناقش في جلسات مغلقة، تحديات تأثير الثورة الصناعية الرابعة في البطالة في المستقبل، لاسيما في منطقة الشرق الأوسط التي تشهد معدلات بطالة تعد بين المناطق الأعلى في العالم، كما سيبحث تحديات الثورة التكنولوجية في القطاع المالي في ظل توجه العالم لاستخدام تقنية البلوكشين عوضاً عن المعاملات المالية التقليدية». ولاحظ رئيس منصة المعرفة والتحليل في المنتدى ستيفان ميرغانثالر أن «معظم الدول والحكومات والمؤسسات والأفراد، بما فيها الصناديق السيادية، بات يتجه للاستثمار في القطاعات التكنولوجيا الرقمية، الذكاء الصناعي والروبوتات وتقنيات الثورة الصناعية الرابعة». ولم ينكر أن «دولاً كثيرة في المنطقة العربية بدأت تطور بنيتها التحتية، استعداداً لموجة الثورة الصناعية الرابعة، ما يمكنها من تجاوز الفجوة الرقمية مع العالم المتقدم، على اعتبار أن العالم لا يزال في طريقه إلى دخول هذه المرحلة». وأكد مشاركون في الاجتماعات أن بعض مجالس المنتدى، سيركز على سبل تعليم وتطوير الشباب في المنطقة لمواجهة أساليب مختلفة في العمل تعتمد على التكنولوجيا، لافتين إلى أن دولة الإمارات مبادرة لتدريب مليون شاب عربي على البرمجة، التي سيعتمد عليها الجيل المقبل في العمل. وأوضحوا أن من التحديات التي تواجهها مرحلة الثورة الصناعية الرابعة، الهجمات الإلكترونية وسيناريوات اندلاع حرب إلكترونية خفية، وتحديد المسؤولية عن استخدام الروبوتات في الحرب في حال حدوث أخطاء تمس الحياة الإنسانية، والحاجة إلى تطور قوانين أو قواعد خاصة بالحرب استناداً إلى الواقع التقني الموجود. وقال شواب إن «نتائج عمل مجالس المستقبل العالمية ومخرجاتها تشكل منصة للعالم لاستشراف المستقبل، والمادة الأساس التي ستُعرض خلال جلسات المنتدى الاقتصادي العالمي المقبلة المزمع عقدها في دافوس في سويسرا مطلع العام المقبل».