«يمتلك الإنسان عواطف ذاتية تدفعه إلى البحث عن مصالحه الخاصة، ويمتلك أيضا عواطف اجتماعية تدفعه إلى أفعال هدفها سعادة الآخرين».. شافتسبري (1671-1713). واستخدم الفيلسوف (لوك) منهجه التجريبي باعتماده على أن الدين هو الأساس البعيد للأخلاق، وطبق أتباعه هذه المناهج بعد انحسار المعتقدات في القرنين الماضيين، ولم يؤد ضعف المعتقدات إلى تدمير للاستقامة البشرية والمسؤولية الاجتماعية. والفضيلة أو السلوك الفاضل بين البشر أساس لكل من التعايش بين الشعوب، وتحجيم الأخلاق وفرض هذه الصورة النمطية، من أهم أسباب الاختلاف، والإبعاد عن النسق المتخيل في ذهنية المجتمع، الذي نشأ على صورة مثالية لما يفترض أن يكون عليه المسلم مثلا. وانسحاب ذلك على مصادر المعرفة المختلفة، إذا لم تكن تشبه ما ينبغي أن تكون عليه المعرفة المقولبة بشكل معين ومتكرر. والأوامر أو النواهي الإسلامية لم يأت بها الرسول -عليه الصلاة والسلام- لفرضها من الخارج، بل بتقبلها والاستمتاع مع مشقة العبادة بالمحصلة الدنيوية والأخروية لذلك. التباس علاقة الجزء بالكل في مدار فكر محدد مسبقا، حتى على مستوى الأسرة الواحد، لذا تنبثق مشكلات اجتماعية قوية كالتوتر والخوف والكذب والرياء والسرقة والظلم والكره والانتقام، تفاديا لحكم قاسٍ يطالهم. يذكر (ميل): «أنه من الأفضل بالنسبة للأشخاص أن يفعلوا في معظم الحالات ما يعتقدون أنه واجبهم، وأن يطيعوا ضمائرهم، لأن السلوك الذي تحركه هذه الدوافع يجلب عادة السعادة ويدعمها». والدوافع ليس بالضرورة أنها ممتعة، والأحرى أنها تحتاج مثابرة وعنتا، لكن النتيجة تجعله يعتادها لأنه يوقن أن نهايتها كما يريد. السعادة هذه لها أدوات جمة منها المعرفة، التجربة، الشجاعة، الأصالة، الجد، الصدق، التعاون، التوكل الصفاء النفسي، التسامح، التنظيم، الدقة، القناعة، الإيثار. وكل ذلك لا يمكن الأ أن يكون تبادليا بين المجتمع، والولاء له لأنه يمده بتلك السعادة الفردية المبتغاة. الولاء يبدأ بالأفكار التي تتحول لسلوك جمعي، متوازن، متنافس، معطاء. في الآن... أعيش بعدل، وللقادم....أتطلع بثقة.