في إطار تحقيق الأهداف، ليس هناك ما هو أكثر أهمية من القدرة على مقاومة دافع الاستسلام لتلك الأصوات الهامسة الصغيرة التي تخبرك بأنه لا بأس بأن تُقلع عن المحاولة عند ما تكون الأمور صعبة وشاقة، ولقد اتفق جميع الباحثين في مفهوم قوة الإرادة وبأشكال متنوعة على مدار السنين بأن مفتاح النجاح لأي هدف هو الصمود أمام الإغراء. وفي واحدة من أشهر التجارب النفسية، والتي أُجريت في جامعة ستانفورد، تمّ تقديم قطعة حلوى للعشرات من أطفال أعضاء التدريس، وقيل لهم: إنهم لو استطاعوا الجلوس لربع ساعة دون أكل الحلوى فستتم مكافأتهم بهديتين، وإن لم يستطيعوا الصبر فعليهم قرع الجرس لإخبار المشرف، وحينها ستكون المهمة قد انتهت ويمكنهم المغادرة مع هدية واحدة، ولاحظ فريق البحث اختلاف طرق مقاومة الإغراء عند الأطفال، فبعضهم لم يصبر والتهم قطعته فورًا، والبعض انتظر قليلا قبل أن يفعل، لكن نسبة كبيرة كانوا بارعين في ابتكار إستراتيجيات لتجنب النظر نحو الممنوع، كأن يغني ويتحرك، أو يخبئ رأسه بين ذراعيه، ومنهم مَن أعطاها ظهره رافضًا إلقاء نظرة عليها، مما سمح لهم في النهاية بالتغلب على الرغبة الملحّة لتناول الحلوى. بعد مرور عشر سنوات، أرسل الباحثون استطلاعًا لآباء الأطفال المشاركين للتعرف على أحوالهم ودراساتهم وصداقاتهم، واتضح لهم أن الفائزين في التجربة القديمة كانوا أكفاء في تحصيلهم العلمي وعلاقاتهم، وأن تعليم الأطفال في الصغر السيطرة على سلوكياتهم وترشيد عاداتهم، سيؤدي لتطوير قدراتهم فيما بعد على إدارة مجالات حياتهم. قد ترسم ملامح الطفولة توقعات المستقبل، وإن التحلي بالانضباط مبكرًا أحد أحجار البناء الأساسية في بناء قوة الشخصية وتحقيق الحياة المثالية، ويعتبره الكثيرون من علماء النفس الأساس الذي يقوم عليه الاستقرار النفسي والاجتماعي، ومن المؤكد أن جميع أهدافك المهمة سوف تزداد سهولة بالتمرّس في قدرتك على ضبط النفس.