أود الحديث في مقالي هذا الأسبوع عن منصب مهم وحيوي في علم الإدارة، الذي قد أسيء فهمه على ما أعتقد. المنصب الذي أرمي إليه هو الإدارة أو الرئاسة أو المسؤول؛ كلها رديف لمقام رفيع في الهرم لأي هيكل في مؤسسة أو شركة، المقام الرفيع في الحقيقة يجب أن يكون أكثر الناس مسؤولية وخدمة في المكان وليس العكس والذي يسود أغلب بيئات العمل؛ التي نرى فيها المدير متربعاً على العرش والكل حوله يخدمه ويهش ويبش له في مقابل نظرة تعالِِ وأوامر جافة منه وكل همه ألا تكسر كلمته ولا يرد له طلب، بصراحة أندهش جدا من هذا المفهوم السائد الذي يجعل من المدير الخدوم في نظر الناس مجرد مطية ويشار له بالأبله أحياناً أو الخفيف؛ ظناً منهم أنه يخدمهم لصغر همته أو ضعف شخصيته! والواقع وكما عنونت مقالي (خادم القوم سيدهم)، فالواجب على كل مدير أن يهتم بمَنْ معه اهتماما إنسانياً ومهنيا بحيث يراعي الظروف الشخصية للأفراد المميزين المعطائين ويسأل عنهم وعن احتياجاتهم؛ ويحرص أيضاً على تطويرهم في مجالاتهم وتخصصاتهم وبذلك يؤدي دوره الحقيقي في الادارة والأهم ألا وهو خدمة مَنْ حوله من الأكفاء ثم بعد ذلك يصدر ما شاء من التوجيهات والأوامر، التي تتعلق بالعمل والإنجاز وبشكل محترم مهذب أيضاً؛ فيه ذوق وبنفس الوقت لا يخل بجدية العمل والطموح، وعلى الفرق والموظفين بالتالي أيضا دعم المدير المهتم بعدم استغلاله فهو يفرق تماما ما بين الجاد والانتهازي؛ وكذلك احترام كلمته حين يقرر قرارات حاسمة لأنه لم يتخذ قرارا إلا بعد التفكير والمشورة والاستخارة؛ وليعلموا أنه حين يبتسم فلا يعني ذلك أنه سخيف بل يعني انه يرغب في ترك شعور طيب في نفوسهم حين يقابلهم. هذه باختصار أبعاد بسيطة لمفهوم أرجو من كل قلبي أن يسود؛ المدير الخادم لا المخدوم. ولا عيب في ذلك فقدوتنا في ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين قَالَ: «ساقي القوم آخِرُهُمْ شُرْبًا».