لم يكن الدكتور محمد عبده يماني شخصية اجتماعية ولا وزيراً سابقاً ولا مفكراً إسلامياً ولكنه كان رجل مرحلة وشخصية سعوديه اكتسبت شهرة عربية وابعاداً إسلامية وسمعة عالمية فأصبح حاضراً لكل المؤتمرات الإسلامية وعضواً في أغلب المحافل العلمية الإسلامية ومدعوا للعديد من الانشطة المحلية والعربية وضيفاً على الكثير من الصحف والمحطات الفضائية. وقد تمثلت في الشيخ محمد عبده يماني الاخلاق السعودية الاصيلة والتي رضعها في مكة من والديه وصقلها احتكاكه بالعلماء والصلحاء فكان متواضعاً خلوقاً متديناً وباراً بوالديه إلى أبعد حدود البر فلا يأنف بعد ان تولى المناصب الرفيعة وحاز على الشهرة الواسعة ان يقف ليساعد اباه في دكان بيع الكبدة ولا يرضى حين يأخذ أمه إلى الحرم وهو وزير الا ان يدفع كرسيها المتحرك بيديه وكان موفقاً في طريق العلم والحياة فحصل على الدكتوراة من أمريكا وتقلد المناصب الرفيعة فكان مديراً لجامعة الملك عبدالعزيز ثم وزيراً للإعلام وقد اكتسب بطيبته واخلاقه حب الناس على اختلاف مشاربهم وأهوائهم ولما تولى الوزارة استغل المنصب في خدمة الناس وقضاء حوائجهم ولما ترك الوزارة لم يفقد حب الناس بل ازداد حب الناس له وازدادت خدمته للناس وتضاعف احترام الناس له وتعلقهم بشخصيته. وللدكتور محمد عبده يماني مبرات كثيرة وصدقات متعددة وخدمات للناس جليلة وهو يصرف من جيبه حتى على تعليم بعض الطلاب الذين قصرت بهم النفقة عن الدراسة الجامعية كما انه شديد المحبة لرسول الله ولسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والف في ذلك الكتب بالاضافة إلى مؤلفاته العلمية ورسائله الجامعية التي زادت على الثلاثين مؤلفاً. وهو محب لوطنه معتز بما يحققه وطنه وأبناء وطنه من انجازات ولقد عرفت ذلك عندما كنت أعمل بمستشفى الملك خالد التخصصي للعيون بالرياض قبل عشرين سنة واختارني وقتها أحد الانجليز من بين دكاترة المستشفى الآخرين من الأمريكان والأوروبيين لاجراء عملية زراعة القرنية لنفسه وعندما قرأ الدكتور محمد عبده يماني ذلك الخبر أرسل لي بخط يده رسالة طويلة إلى الرياض يشكرني فيها ويشجعني ويهنئني رغم انه لا يعرفني ولم يسمع عني من قبل. تغمد الله الدكتور محمد عبده يماني برحمته وأسكنه فسيح جناته فقد رزىء به الناس ورزىء به وطنه واختم مقالي بابيات أبي الفضل الرياشي التي يرثي فيها المازني النحوي: لايبعد الله اقواما رزئتهم افناهم حدثان الدهر والابد نمدهم كل يوم من بقيتنا ولا يؤوب الينا منهم احد