من الطبيعي أن تجد طفلا يرفض الاعتراف أين كان في عطلة الأسبوع، لأن والديه يصران ألا يكون ثقب باب المنزل، وبالتالي هو لا يستطيع أن يبوح حتى بالصغائر من الأمور، وعليه كيف تستطيع أن تقنع الطفل إياه بمبرر وجود راشد يصور كل المنزل والاسرة في أغلب أوقات اليوم، ليعرف الملأ أين سافروا ماذا أكلوا وماذا حصل لهم وماذا لم يحصل من باب الشهرة ولربما الثراء. كيف تقنع مراهقا يتابع ملايين المتابعين لمراهق في عمره بأن التعليم والشهادة هي سلاحه للمستقبل بينما يقنعه هؤلاء بالعكس. كيف ترتقي بملابسه، بأسلوب حياته، بألفاظه، كيف لا تستنسخه ليكون أنت، وليكون هو، دون أن يكون نسخة من مشاهير اليوتيوب. كيف تقنع فتاة تتابع فاشنيستا ومعجبة بها بأن الأخيرة تخدع الجميع وتستغلهم لترويج سلع ومطاعم وأشخاص وحسابات وأفكار تتقاضى بها الآلاف بشكل مباشر وغير مباشر، وأن هذه المراهقة وغيرها مجرد أرقام يتم استغلالها لا أكثر. حين يساهم هؤلاء في تعريتنا اجتماعياً، أخبروني ما الذي يسترنا بعدها. في القريب كنا نتعجب للإمكانات المادية لدى لاعبين ومغنين مقارنة بأكاديميين وخبراء واستشاريين، والآن انضم الجميع لفريق الدهشة ذاته أمام إمكانات التقنية الحديثة وانفراطنا اجتماعياً. حين نشجع ولا نشجع على رقابة وسائل التواصل الاجتماعي واليوتيوب، كيف نطمئن أن ما يقع في بيوت غيرنا قد لا يقع في بيوتنا. التعرية الاجتماعية ليست أن تجد كل معلوماتك الشخصية من رسائل وصور ومعلوماتك التجارية الائتمانية، وأسرارك الصحية الخاصة جداً متاحة لهذا أو ذاك، التعرية الحقيقية أن تسمح للآخرين أن يسرقوا أولادك ويستنسخوهم وتستسلم لدور المتفرج فقط مع الدعاء بالهداية. وهنا لا بد أن نهمس بدور المواطن الواعي في تأصيل القيم في منزله والاعتداد بدوره البناء في طرح المبادرات والتبليغ عن الجرائم الالكترونية والأخلاقية، ورصد وإيقاف أي شخص أو محتوى مخل مباشرة، فلربما أنقذت مئات المنازل والأشخاص دون أن تعلم.