بعضنا يخاف على اللغة العربية من اللغات الأخرى حين اعوجت الألسن بالإنجليزية فيما يلزم وما لا يلزم، عند الصغير والكبير، أو من تكسيرها مع الأجانب الذين لا يحسنون سوى لغتهم، ونظن أننا حين نشوه اللغة للتفاهم معهم أننا نبسطها لهم! ثم ندعي أنهم السبب، ولكن في الحقيقة نحن من شوه اللغة، فحين نقول للأجنبي: ما فيه معلوم بدلاً من لا علم لدي، أو لا أعرف، نكون قد علمناه اللغة بطريقة خاطئة انتشرت كثيراً حتى صارت هي لغة التخاطب معهم. والإساءة للغة لم تتوقف عند هذا الحد فقط وهو نطق الكلمات أو التراكيب اللغوية السيئة مع الأجانب، بل تعداه إلى استخدام تراكيب وأساليب تعبيرية غير صحيحة من قبلنا نحن أصحاب اللغة. فهناك من تعمد استخدام المفردات في ما لا يناسبها من المعاني، ومثال ذلك: بطل بفتح الباء والطاء مفردة يوصف بها المقدام والشجاع في ميدان الحرب أو الرياضة أو من يحقق نجاحاً وتميزاً في مجال ما. اليوم نسمعها كثيراً في وصف فستان جميل أو وجبة شهية أو شراب مميزه فيقولون هذه قهوة بطلة!! وهذا فستان بطل!! وقس على هذا كثيرا من المفردات التي نسمعها في غير محلها وهي تنتشر بأخطائها بقوة وسرعة مع وسائل التواصل وبخاصة حين ينطقها السنابيون المشاهير حتى من كبار السن ليرضوا بها متابعيهم ويظهروا لهم بأنهم معهم في الجو الشبابي! وكل هذا يزيد من نسبة الأخطاء المكتوبة والملفوظة، فقد لاحظت أن بعض المشاهير يكتبون توحفة بدلاً من تحفة على اعتبار أن تحويل صوت الضمة إلى واو مكتوبة يعطي تعبيراتهم دفعة من الصدق. ومرة بعد مرة ستجد أن هذه المفردة صارت تكتب بالواو! وهذه جناية على اللغة تتكرر مع غيرها من المفردات. ومثال آخر: يصبح عليك أحدهم بقوله: صباحو! والحقيقة أني كلما سمعت أو قرأت هذه الكلمة أرغب أن يكون ردي: ما به؟ لأن من يقول: صباحو كأنه يريد أن يخبرني بأن صباح فلان كان جميلاً أو سيئاً ولكنه بدلاً من أن يكتبها صباحه بضم الهاء كتبها بالواو. وكذلك وجدت أغنية على اليوتيوب كتب اسمها (أخبارو) والمقصود أخباره! والغريب أن الناس حين تنبههم لهذه الأخطاء سيكون ردهم إما بالإصرار على الخطأ بحجة أنها العامية كما فعلت صديقتي التي تكتب (بكرى) أي غداً بدلاًمن (بكرة) أو بالضحك على اعتبار أنك تبالغ وأن الناس جميعاً تفعل ذلك ولا يفكرون بأنهم يرسخون للأخطاء ويدعمون استمراريتها حين يقرؤها الصغار أو الضعاف إملائياً فيتعاملون مع الأمر بلا مبالاة. أحد الحسابات في الانستجرام كان يعلن لحساب آخر يهتم بالعبارات الأدبية والمقولات التحفيزية فيجملها ويضعها على بطاقات إليكترونية جميلة وعندما تصفحت ما يقدمونه وجدته يعج بالأخطاء الفادحة فالعبارة التي كتبت في سطرين قصيرين وتتكون من تسعة مفردات تجد بها على الأقل خمسة أخطاء تقريباً؛ فنبهتهم لذلك وكانت النتيجة هي حظري من المتابعة!! وكأنهم يقولون لا تتدخل بعملنا. خلاصة الموضوع أن تشويه اللغة لم يعد قاصراً على تأثير اللغة الأجنبية فنحن من يشوهها أكثر وأكثر بما نشيعه من أخطاء وعلى كل من يجد هذه الأخطاء أن ينبه من وقعوا فيها ليصححوها.