حوار سمو ولي العهد الأمين مع نيويورك تايمز يعطي دليلًا واضحًا على الرغبة الملحة في الاصلاح لاسيما تلك العملية الجريئة التي اتخذها بالقضاء على الفساد، فإلقاء القبض على عشرات بتهم تتعلق بالفساد ووضعهم في فندق الريتز كارلتون إلى حين موافقتهم على تسليم مكاسبهم غير المشروعة للدولة، هو إجراء منطقي وعقلاني يرسم أهم ملامح الخطة المستقبلية التي انبثقت عنها رؤية المملكة، فلا يمكن التطلع نحو بناء مستقبل واعد مع وجود معضلة الفساد التي استشرت في المملكة بصورة واضحة. ولا شك أن ما أقدم عليه سموه، من حركة أراد بها القضاء على الفساد، يمثل نقلة نوعية نحو استشراف مستقبل مشرق يخلو من تلك الآفة التي إذا استشرت في أي مجتمع فإنها تتحول إلى معضلة كأداء تحد من اتخاذه لأي خطوة تطويرية نحو الأفضل والأمثل، فالفساد سوف يعرقل أي خطة تنموية ونهضوية من شأنها إحداث تغيير حقيقي في المجتمع نحو تطويره إلى آفاق جديدة كما هي تطلعات سموه. مكافحة الفساد خطوة صحيحة نحو الاصلاح ونحو البناء والنهضة والتنمية على أسس صحيحة وراسخة، فالاختلاسات من الأموال العامة منذ الثمانينيات عبر وسائل الفساد المختلفة أدت إلى تعطيل وسائل البناء بالطرائق السليمة، ومن ثم فإن معاقبة المختلسين تمثل نهجًا سليمًا للتطلع نحو بلورة الرؤية الطموح للمملكة، والمبالغ المختلسة قدرت بنحو مائة مليار دولار أمريكي وفقا للتسويات التي أجريت مع المتهمين الضالعين في الفساد. وهذا يعني أن القبضة الحديدية التي استخدمت ضد أولئك الأشخاص تمثل رادعًا حقيقيًا لكل من تسول له نفسه العبث بأموال الدولة أو التلاعب بها، فمخاطر الفساد وخيمة للغاية والقضاء عليه من أوجب واجبات القيادة الرشيدة، فالفساد معطل للنظام العام، والقضاء عليه يعني إسدال مساحات من الثقة الجديدة في الحكومة، ولا شك أن ما اتخذه سمو ولي العهد من خطوات حميدة لاستئصال الفساد يمثل في جوهره النهج السليم لبناء المستقبل. سرقة أموال الدولة تعد جريمة كبرى لابد من معاقبة المقدمين عليها عقابًا صارمًا ورادعًا وهذا ما حدث على أرض الواقع، وحملة مكافحة الفساد هي مبادرة صائبة أراد بها سمو ولي العهد إعادة مفاهيم الإسلام إلى مسارها الصحيح، فالعقيدة الإسلامية السمحة تنهى عن السرقات والفساد والانحراف وتدعو إلى التمسك بالأمانة والفضيلة والصدق، فما أقدم عليه سموه هو نهج إسلامي صحيح. الفساد عواقبه وخيمة على أي مجتمع من المجتمعات البشرية، واذا استشرى فيها فقل عليها السلام، فهو عامل من أهم عوامل ايقاف التنمية والبناء والنهضة، والرؤية الطموح التي رسمتها القيادة الرشيدة لا يمكن أن تتحقق في ظل استشراء تلك الآفة الخبيثة التي تحاول دول العالم قاطبة التخلص منها ومحاربتها ومعاقبة المتورطين في مسالكها السيئة التي تلحق أفدح الأضرار بمصالح الشعوب ومقدراتها.