ما أن يُذكر اسم التشكيلي الكويتي محمد الشيخ الفارسي، إلا ويتذكر الكثيرون البرنامج التلفزيوني الشهير «الفنان الصغير» الذي قدمه لأكثر من 20 سنة. تجربة قدمها بكل معانيها الإنسانية والفنية والتربوية التزم فيها بحمل الفن بتكاملاته بين الفكرة والانتماء في رؤية تحيل على حروفية عربية الملامح والخصوصيات والعلامات التي تغوص بنا في عمق البيئة الكويتية. قدم الفارسي منذ يومين معرضه (14) في قاعة بوشهري للفنون بالكويت، استعرض تجربته الحروفية والرمزية ورؤيته البصرية التي تتسع لمدى الفضاءات بكل تفاصيلها التي تسرد الانسان وهويته وبيئته المعتقة في المكان.. يستمر المعرض حتى 16 من شهر نوفمبر، بحضور الكثير من طلابه. يمنح الفارسي الحرف العربي دوره في خدمة الفكرة في فضاءاتها وتداعياتها الحسية وتوافقها مع التطوير الذي تشهده ليكون عناصر قوية الحضور في تعبيراتها الحياتية، فاعتماده الحرف العربي مكنه من النبش في قيمه الجمالية وفق توجيه تشكيلي له معانيه المستقلة ومقاييسه التعبيرية في الحجم والهندسة والزخرف والألوان ومساحاتها الكثيفة والفارغة خدمة للذوق الجمالي، باستخدام خامات وأساليب تخدم اللوحة. كما ترصد تجربته حضور المرأة العنصر الطاغي في تأثيره التعبيري العميق ومضامينه الجمالية، التي تكثف المشاعر والوجدان في سياقات تصاعدية تتوافق مع علامات البيئة والطبيعة رمزيا وهو ما أوجد في أعماله التميز والتنوع في لغته البصرية خاصة تعامله مع ألوانه ليخلق حيوية وحركة تحمل أكثر من رؤية في إبداعاته التشكيلية فهو يشكل عناصره وأداءها حسب مضمونه وتقنيته وخاماته التي يركبها في الظلال والعتمة والنور في استخدامه للأبعاد الضوئية والأسود والأبيض وفي الألوان، فالمرأة هي الوطن هي الأم هي العطاء هي انعكاس الأرض والخصب والطبيعة في تأويلاتها الجمالية الذي يحدثنا من خلالها عن الماضي وعن الواقع بكل تفاصيله وعناصره المتكاملة، أما استخدامه للحروف العربية فهو انعكاس خبرة وتطويع جمالي للحرف ومنحه دورا يتجاوز الشكل في خصوصيته. لم تختلف أعماله عنه ولم تنفصل عن ذاتيته، فقد اعتمد الفن للتعبير عن الواقع والحياة والإنسانية بمختلف حالاتها ومواقفها والأحاسيس التي تتراكم فيها، فتركيزه ما زال متجسدا في الألوان وتحريكها، حسب المساحة والهندسة والأشكال، وفق درجات توجد التوازن المتكامل بين الضوء والظل والحركة التي تتطلب الدقة في تجسيد الفكرة التي ترتقي بمحتوى اللوحة.