بعد أن قالت إن وزير خارجيتها قطع ما يوازي محيط الكرة الأرضية في جولاته المكوكية لعرض مأزق بلاده على دول العالم ومنظماته، وبعد ما لم تترك مؤتمرا أو مؤسسة دولية إلا وفتشت عندها عن حل أو مخرج للمشكلة التي قيدت نفسها بها، رغم أنها تعلم يقينا أن الحل على بعد خطوات من عاصمتها، صبت سلطات الدوحة مؤخرا جام غضبها على معالي أمين عام مجلس التعاون الخليجي الدكتور عبداللطيف الزياني لتتهمه بأنه لم يقم بواجبات وظيفته، في خطوة تبين حجم الشعور بالضيق، وقلة الحيلة، وخصوصا بعد ما لم تجد أذنا صاغية لادعاءاتها، أو تعاطفا مع ما تسميه بمظلوميتها، وهي البريئة من كل إثم أو خطيئة عدا أنها أرادت أن تحرر العقل العربي كما تدعي، وتمنحه حقه في حرية الفكر والتعبير عبر قناتها الإعلامية، متجاوزة التهمة الأصيلة التي فشلت قناتها في تبرئتها منها، وهي دعم الإرهاب، والعمل على زعزعة الاستقرار في دول المنطقة، وفتح الأبواب للقوى المعادية للتسلل عبرها إلى المنطقة. هجوم الإعلام القطري على معالي الأمين وبهذه الحدة، يعكس بصدق حجم المأزق الذي بلغته حكومة الدوحة وتنظيم الحمدين، وبالتالي ضرورة البحث عمن تُعلق عليه هذه الخطايا التي تتجرعها أمام شعبها، رغم أنها تدرك أنه لا أمانة المجلس، ولا نظامه الأساسي يمكن أن يغض الطرف عن ممارسات الدوحة أو يتعامل معها كقضية خلاف سياسي عابر ليمارس دوره كوسيط لتقريب وجهات النظر، لأن ما فعلته الدوحة وما ارتكبته من حماقات ليس مجرد وجهة نظر، ولعل أطرف ما في تلك المواقف التي تطلقها الدوحة من حين لآخر استعدادها للحوار ولكن كما تقول ليس على حساب السيادة والكرامة، وهي التي انتهكت بتجاوزاتها سيادات الآخرين، وتدخلت في شؤونهم، وتآمرت ضدهم. وربما يكون أكثر ما آلمها مؤخرا ودفعها للهجوم على معالي أمين المجلس أنها تنبهت إلى أن دول المقاطعة قد خفضت من اهتمامها بقضية قطر، والذي كان مبعثه الحرص على الشعب القطري الشقيق، وأسقطتها من أولوياتها، وتفرغت للإعلان عن مشاريعها الطموح كإعلان سمو ولي العهد عن مشروع نيوم، والذي احتل واجهة الأخبار، مما رتب على الدوحة أن تفتش عن كبش فداء جديد ترمي عليه أحمالها وأثقالها التي باتت تنوء بها.