يتساءل المراقبون عن جنون الدوحة، ما الذي تملكه هذه الإمارة الصغيرة.. لترتكب كل هذه الحماقات؟ التخبط بالجملة، غير المنتهي وغير المحصور. وعلام تستند لتحصل على كل هذه الثقة! يسألون لأنهم يدركون تماما حجمها السياسي والجغرافي والدبلوماسي والاقتصادي، يعلمون بأنها أصغر من بنغازي، تماما كما قال الليبي لوزير خارجة قطر. الحكومة القطرية، أو لنقل "تنظيم الحمدين"، لأن الحكومة الرسمية لم تعد موجودة، مغيبة تماما، والأنباء تقول بأن هناك انقلابا على الحكم من قبل الأب.. ليسجل التاريخ أول شخص ينقلب على أبيه وابنه؛ يعتقد أن التعويل على تركياوإيران كبير، وهذا صحيح من ناحية المبدأ، و"الهياط" الإعلامي، لكن الأشياء تختلف عن التفصيل، والولوج بعمق. أولا: الجانب التركي، لدى الإدارة التركية ردود فعل انطباعية، وقتية غالب الوقت، وهذا بحسب قياس تعاطى مع كثير من القضايا.. نتذكر التهديدات بعد إسقاط الطائرة من قبل القوات السورية، والهجوم على السفينة من قبل إسرائيل، حديثهم عن روسياوإيران. جميع الأحاديث كانت للاستهلاك الإعلامي، تماما في هذه الأزمة. لا يمكن أن تفرط تركيا بمليارات التبادل التجاري مع دول المقاطعة، لتستبدلها بملايين محدودة مع قطر، من أجل عمل حزبي، مصنف إرهابيا في كثير من الدول. خاصة أنها لا تريد أي مشاكل اقتصادية، بعدما وصلت نسبة البطالة خلال شهر مارس إلى 11.7%، بارتفاع 1.6 % من الشهور السابقة، بحسب معهد الإحصاء التركي، كما ارتفع معدل البطالة لأعلى مستوياته في 7 سنوات خلال الفترة بين ديسمبر 2016 وفبراير 2017، ليصل إلى 13%، ولديها عجز الموازنة قفز إلى 19.5 مليار ليرة (5.3 مليارات دولار) في مارس، ليصل في الربع الأول من 2017 إلى 14.9 مليار ليرة. وتراجع مؤشر توقعات الوضع المادي للأسرة بنسبة 2.2 %، وفقا لبيانات البنك المركزي التركي. ثانيا: الجانب الإيراني، حكومة الملالي تجيد كل شيء إلا السلام والتنمية. متخصصة في الإرهاب لا الأمن، في التدمير لا البناء، في الابتزاز لا التعاون، ووفق كل هذه الممارسات تحاول أن توهم الدوحة أنها تساعدها في أزمتها. إيران كذبت على بشار، وورطت الحوثي، وغررت بالإرهابيين البحرينيين. فشلت في كل الأماكن، لم تضف إلا الخراب. إيران المصنفة إرهابيا، لا يمكن أن تدعم قطر إلا بتحويلها نسخة من سورية، أو تحاول امتصاص أموالها التي ربما تجف مع المقاطعة، خاصة أن طهران تعاني من مشاكل اقتصادية غير منتهية، وتذمر شعبي كبير، وضغوطات أميركية ودولية كثيرة. الرهان على القيادة القطرية لم يعد كبيرا.. الملف أصبح لدى الأشقاء في قطر، وبالتأكيد يدركون حجم الخطر والتحديات، ويستطيعون رسم مستقبل أكثر أمانا لهم، ولأبنائهم. والسلام..