أسوأ مرض اجتماعي ينخر جسد المجتمع هو اللامبالاة، فهروب صاحبها المتعمّد من الالتزامات والواجبات تجاه عمله، والآخرين، يعرقل عملية التنمية، ويعرقل عملية التجديد والتغيير للأفضل. أدمغة نائمة بإرادتها، مصابة بالشلل الفكري الإرادي، لا تفكر إلاّ في ذاتها، ومصالحها، غارقة في بحور الأنانية والسلبية وحب الذات. سلوك اللامسؤولية هذا، أكثر سوءاً من السلوكيات المرفوضة كلها، حالة غريبة ومزعجة من الفردانية والتقوقع حول الذات، وانعدام التفاعل، توافرت صفات الإهمال في ذات أدائها الشخصي، غير متعاونة، ولا تهتم بمصلحة المؤسسة التي تعمل بها، والمراجعين، أمنت المحاسبة الإدارية الرادعة، فأهملت التفاعل وأساءت العمل. مشكلتهم ليست فطرية، غالباً ما تعود للتربية، والتنشئة الاجتماعية، فمن عوامل اللامبالاة الأساسية بعض الأسر ذات التربية المتسلطة، «قسوة مادية، ومعنوية، وتفريق بين الأبناء» وأيضاً بعض المؤسسات العلمية البعيدة كل البعد عن التربية الإيجابية والديمقراطية. وكذلك بعض طبقات المجتمع ذات النظرة الفوقية التي تُشعر من هم دونها بالدونية وتسبب لهم الإحباط الدافع للامبالاة. عملية تراكمية من الإحباط والشعور بالنقص تكونت خلال فترة مراحل نموهم، أضف إليها العوامل الاجتماعية المحبطة، ولا ننسى البطالة، وقبول العمل بغير التخصص، كلها تولد نوعاً من اهتزاز الهوية الاجتماعية، والسلبية. لا نبرر سلوكهم إلاّ في حالة كونهم مرضى نفسيين، نتيجة التراكمات المحبطة، وبناء على تعريف اللامبالاة بالنسبة لعلماء النفس «حالة وجدانية سلوكية، تقود تصرف الفرد تجاه عمل معين»، ومن أسوأ مظاهر هذه الحالة أنها تبعد الشخص عن التفكير بالنتائج، وإذا ما فشل فإنه يظهر نوعا من الحقد، والكره للمجتمع، واللامبالاة بالعمل، واللامسوؤلية. هؤلاء هم أبناؤنا، وهذه هي مؤسسات الدولة التي تهمنا، ونأمل أن تكون صورة صادقة للعمل المشرف، الذي يخدم الوطن والمواطنين، ودورنا هنا كأسر ومؤسسات بأنواعها، أن نمنحهم الثقة والاهتمام ليكون دافعاً لإبداعهم، فكل إنسان له جوانب إيجابية، يجب صقلها، وكمدراء دورهم كبير في نشر الحماس، والتنافس بينهم، والاهتمام بمهاراتهم الصغيرة والكبيرة. نبشرهم بأن الدولة مقبلة بفضل الله، ثم بفضل القيادة على خير كبير حدوده السماء، وتنتظر همم أبنائها في الأرض.