المسؤولية شعور وإحساس، تترجمها الأعمال والأفعال التي نقدمها عامة وشاملة، تكليف شرعي قررته الشريعة الإسلامية في المجتمع الإسلامي وحمّلت كل فرد فيه مجموعة من المسؤوليات التي تتفق وموقعه وقدراته وتتضمن هذه المسؤولية جوانب وأبعادا عدة تشكل صفات شخصيته وخصائصها وتشمل اهتمامه بقضايا ومشكلات مجتمعه وتفهمها والالتزام بقوانينه ونظمه، فنحن المجتمع، ومنه نحن، من أجله نعمل بأمانة وإخلاص، وأمنه وأمانه خط أحمر. شرعنا فرض علينا العمل بضمير مسؤول وأمانة وإخلاص واهتمام كبير بالمسؤولية الاجتماعية منذ ظهور الإسلام، وأعطاها صفة الشمولية وبالغ بالاهتمام بها. فالأسرة أمانة ومسؤولية "كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ فَالْإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهِيَ مَسْؤُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا وَالْخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ". إذاً المسؤولية أمانة وحتى لا تتسع دائرة الإهمال وتنتشر ظاهرة ثقافة المسؤولية الغائبة في المجتمع أبدأ بالبيوت أعمدة البنيان وأساس بناء الشخصية المسؤولة في المجتمع، بناء شخصية فلذات الأكباد بناء فكر وعقل وكيان كامل، وتأسيسها بالعقيدة الصحيحة وترسيخها في عقولهم لرفض كل الشوائب الغريبة والدخيلة والمغرضة سواء كان تطرفاً دينياً أو فساداً اجتماعياً أو أي سلوك غير مسؤول ومرفوض دينياً وأخلاقياً واجتماعياً. علينا غرس القيم والمبادئ الإسلامية والمثل في نفوس أمانتنا، ذكوراً وإناثاً منذ نعومة أظفارهم. وعلى منابر العلم دعمنا بالتربية السليمة التي تؤسس لثقافة تربوية تعليمية تصب في خدمة المجتمع وتعين على تطبيع العلاقات الإنسانية بشكل ناضج وبأنبل الأهداف وأسماها لنحقق رسالة التربية والتعليم التي من أهم مهامها رعاية المسؤولية الاجتماعية لتربية وتعليم أجيال تعرف واجباتها وتقدر مسؤولياتها فمن شب على شيء شاب عليه. لا أعتقد أن إنساناً عاقلاً مكلفاً يتخلى عن مسؤولياته إلاّ في حالة واحدة، حالة عدم الاهتمام واللامبالاة "ثقافة المسؤولية المفقودة" أعتقد أنها حالة خاصة شذت عن القاعدة، يرفضها كل ضمير حي وعقل واع ومنطق، ولا يقرها دين ولا شرع وترفضها المجتمعات المتكاتفة المتماسكة الحريصة على التفاعل والتعاطف والشعور بالمسؤولية. كلنا مسؤولون أمام الله ومحاسبون بما تكسب أيدينا وما تكنه ضمائرنا، يقول الحق تبارك وتعالى {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ}. والكارثة في ثقافة اللامسؤولية واللامبالاة والخلل الإداري، والتلاعب، والتسيب الوظيفي وفقدان الشعور بالمسؤولية الملكية أو بمعنى آخر، شيء يخص غيرنا، لا يهمنا أتقناه أم لم نتقنه فالأمر سيان، أسلوب لا أخلاقي رخيص وأنانية مطلقة مصدرها حب الذات وموت الأمانة والضمير، ومع مرور الوقت ودون محاسبة أو عقاب تصبح عادة وظاهرة من أهم أسبابها غياب العقوبة واختلال تطبيق مبدأ الثواب والعقاب وتساوي المحسن بالمسيء فتضيع الحقوق. وأيضاً محدودية الخبرات لدى بعض العاملين في الأجهزة الرقابية والمحاسبية، والإفلات من العقاب له الدور الأكبر. نحن متفائلون ولله الحمد وعلى ثقة تامة بقدرة مسؤولينا وننتظر منهم الشيء الكثير وجميعهم محل ثقة الجميع، وأهلٌ للمسؤولية ويؤمل منهم الكثير مع الشكر، يؤمل زيادة تفعيل الأجهزة الرقابية والمحاسبية والهيئات الوطنية لمكافحة السلبيات بما يكفل القيام بالدور الرقابي والمحاسبي على الوجه الأكمل. الكل سيقف أمام الله يوم لا ينفع مال ولا بنون ولا جاه ولا تنفع سلطة ولا محسوبية ولا واسطة إلاّ من أتى الله بقلب سليم وعمل خالصا لوجه الله. فإذا كانت حياتنا التي تخصنا محاسبين عن إيذائها فما بال المال العام وحقوق الآخرين المسؤولين عنها ؟!! "وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ". * تربوية – مديرة