قال المدير المكلف لجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية «كاوست» م. نظمي النصر: إنه سيكون للمنطقة الشرقية مستقبل اقتصادي متنامٍ خاصة أن جزءًا كبيرًا من التطور الصناعي الذي يجب أن يتحقق في رؤية 2030 يتمثل في الثروة المعدنية التي تعتبر المنطقة بوابتها الرئيسية للمملكة. وأوضح م. النصر في حواره مع «اليوم» أن أكبر تحدٍّ يواجهه مشروع البحر الأحمر هو المحافظة على بيئة البحر الأحمر، مبينًا أن علماء «كاوست» شرعوا في دراسة بيئية متكاملة عن كل ما يُحيط بمنطقة المشروع. وأشار إلى أن بحوثًا معرفية خاصة في الطاقة المتجددة وأخرى في مجال زراعة الأرز والخضراوات يجري زراعتها في أراض صعبة وبالمياه المالحة سترى النور قريبًا، بعد ظهور نتائج إيجابية متقدمة على هذه البحوث. ■ ماذا في خطط «كاوست» الطموحة لمشاركة اقتصاد السعودية في التحوّل للاقتصاد المعرفي بحسب رؤية 2030؟ ■■ من طموحات جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية «كاوست» أن تكون منارة للمعرفة والتعليم التقني والبحثي وبيئة مميّزة لإلهام العقول والمواهب الواعدة التي تسعى إلى تحقيق الاكتشافات التي تعالج أهم التحديات الإقليمية والعالمية، وأن تكون جسرًا لتقريب الشعوب والثقافات لما فيه خير الإنسانية، وهدفنا الأول أن تكون «كاوست» من ضمن المراكز العلمية العالمية التي تقوم برفع مستوى العلم في العالم، وأن نكون جزءًا من التحوّل في المملكة إلى اقتصاد المعرفة في رؤية السعودية 2030 حيث إن اقتصاد المعرفة، كما نعرف، اقتصاد يعتمد على مخرجات العقول من ناحية المتخرجين والاكتشافات والاختراعات وكيف نحوّل مخرجات العقول إلى صناعة، ثم إلى اقتصاد، وتعمل «كاوست» ليلًا ونهارًا في أبحاث متخصصة مركّزة على ما تواجهه البشرية من تحديات وصعوبات، وعلى هذا المنوال أرادت الجامعة أن تركّز الأبحاث على الماء والغذاء والطاقة والبيئة، وهذه المحاور الأربعة تواجهها البشرية عمومًا والمملكة خاصة. ■ هل تمّ تحويل بحوث معرفية واختراعات إلى اقتصاد وتخريج شركات ناشئة تابعة للجامعة لتسهم في الاقتصاد السعودي؟ ■■ نعم تم تحويل هذه البحوث خاصة، ونعمل على دراسة جدوى اقتصادية للشركات قبل تهيئتها للعمل الاستثماري التجاري، وهناك ما يقارب 35 شركة ناشئة بعضها في السوق والبعض الآخر في طريق تسجيلها؛ كون تحوّل الأفكار والاختراعات والاكتشافات من مراكز الأبحاث إلى اقتصاد رحلة طويلة، ويجب أن نبحر فيها بتأمل وهدوء وتركيز وبجودة عالية، وما أستطيع أن أؤكده أن هذه الشركات مواكبة لرؤية السعودية 2030 وسيكون لها مردود إيجابي كبير وعميق للاقتصاد السعودي، حيث إن لدى الجامعة وفريقها جهودًا كبيرة من أجل غرس ثقافة ريادة الأعمال والمساهمة في تكوين المناخ المناسب لها، وذلك من أجل استحداث أعمال وقطاعات تستند إلى المعرفة داخل المملكة، ولتحقيق هذا الهدف تقوم الجامعة بتطوير وتقديم البرامج المتخصصة المتضمنة آليات لتسريع جاهزية الشركات الناشئة، كما أنها تقدّم برامج تدريبية وتعليمية حول ريادة الأعمال للطلبة وأعضاء هيئة التدريس والزائرين من خارج الجامعة وشركائها من القطاعات الصناعية المختلفة. ■ سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أعلن مؤخرًا عن مشروع البحر الأحمر.. كيف تنظرون للبُعد الاقتصادي والسياحي المستقبلي لهذا المشروع؟ ■■ مشروع البحر الأحمر الذي أعلن عنه سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، سيفتح على مصراعيه، والصناعة السياحية في المملكة قوية جدًّا والمستقبل الاقتصادي لهذا المشروع كبير جدًّا، وسيجذب مئات الآلاف من السياح من داخل المملكة وخارجها وأوروبا ومن كل الدول؛ لأنهم سيجدون جمالًا طبيعيًا لا يجدونه في أي مكان عندما تُبنى المنتجات السياحية في هذه الجزر وغيرها، وما ينتجه للاقتصاد سيكون أكبر من خلق وظائف، فمردودها الاقتصادي أكثر مما يتصوره المواطن السعودي. ■ كيف ترون المستقبل الاقتصادي للمنطقة الشرقية خاصة أن أغلبية شركاء «كاوست» فيها؟ ■■ سيكون للمنطقة الشرقية مستقبل اقتصادي متنامٍ، خاصة أن جزءًا كبيرًا من التطور الصناعي المستهدف والذي يجب أن يتحقق في رؤية 2030، يتمثل في الثروة المعدنية، ومع أنها ليست موجودة في المنطقة لكن بوابتها الرئيسية من خارج المملكة في هذه المنطقة، ولهذا جميع مراكز الثروة المعدنية سواء في شمال وغرب المملكة تنقل الثروة المعدنية هذه كلها إلى مراكز صناعة على ضفاف الخليج العربي، وبقوة أرامكو تطورت خلال الأعوام ال10 الماضية، وأود الإشارة إلى أن شركاءنا في الصناعة جميعهم في الشرقية، فوجود معقل الصناعة فيها سينقل هذه المنطقة الى تطور كبير، أما جامعة الملك فهد للبترول والمعادن فهذه الجامعة شريك أكاديمي قوي علميًّا، وهذا أسهم في بناء جسر بين البحر الأحمر والخليج العربي، أضف إلى ذلك أن خريجي الماجستير والدكتوراة من السعوديين وغيرهم، كثير منهم بعد التخرج يتوظفون في المملكة ويستقرون فيها، وكذلك الأجانب؛ لأنهم يجدون فيها فرص عمل، كما أن فيها فرصة لرد الجميل؛ لأنهم عاشوا هنا وحصلوا على شهادات عليا ويريدون أن يكونوا جزءًا من التحوّل الاقتصادي ومعظمهم توظفوا في المنطقة الشرقية. ■ كيف تنظرون إلى تحوّل المملكة إلى اقتصاد معرفي مواكب لرؤية 2030؟ ■■ قبل 10 أعوام من الآن من النادر تداول مصطلح براءة اختراع أو مفهوم الاقتصاد المعرفي وجامعة كاوست سابقت الزمن وبدأت بانطلاقة قوية نحو هذا المجال والاستثمار في البحوث الخاصة بعلمائها، واليوم جامعاتنا السعودية أصبح هذا المصطلح يتداول يوميًّا في نقاشاتهم العلمية وتحوّلها إلى واقع، ولنبدأ هذه المرحلة التي وصلنا فيها خاصة مع بداية تحقيق رؤية 2030 في أن تكون المملكة في هذا الموقع الصحيح الذي رفعنا فيه مستوى التفكير العلمي والبحثي، والمملكة مهيّأة جدًّا لخلق هذه المنظومة التي تعتبر جزءًا من الرؤية، فاليوم المملكة تسابق الزمن في هذا الاقتصاد، ولدينا أمثلة عديدة في التاريخ، فخلال ال30 عامًا الماضية رأينا دولًا تحوّلت من لا شيء إلى دول كبرى اقتصادية مثل كوريا وسنغافورة. ■ الرقعة الزراعية في المملكة بدأت في التقلص خلال الآونة الأخيرة، وهناك شُحٌّ في المياه.. هل من بحوث جديدة في هذا الموضوع؟ ■■ بالفعل الرقعة الزراعية بدأت في التقلص، وهناك جفاف وشُحٌّ بالمياه في المناطق، ونحن حاليًّا نركز في بحوث حديثة على أن نجد حلولًا لهذا الأمر المهم، وكيف للنباتات أن تطوّع هجينيًا لتنمو في أرض صعبة مالحة أو صعبة التضاريس بمياه ليست حلوة بل مالحة، وسوف نرى نتائج مشجّعة سيُعلن عنها قريبًا، وسنكتشف حلولًا لذلك، أما الثروة السمكية فهناك مستهدف في رؤية 2030 لرفع الإنتاج من 40 ألفًا إلى 600 ألف طن، ونعمل مع وزارة البيئة والمياه والزراعة لتحقيق هذا الهدف بأسلم الطرق وأسرع طريقة مع الحفاظ على البيئة البحرية. «كاوست» سابقت الزمن في الطاقة المتجددة أكد المدير المكلف لجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية «كاوست»، أنهم سابقوا الزمن فيما يتعلق بالطاقة المتجددة، مشيرًا إلى أن أبحاث مركز هندسة الطاقة الشمسية والخلايا الضوئية تتركز على توليد وحفظ وتحويل هذه الطاقة، وهو في طريقه ليصبح أحد المراكز الرائدة في مجال علوم وهندسة الطاقة المتجددة، ويعمل على أسس الابتكارات منخفضة التكاليف عالية الكفاءة في مجال تقنيات الخلايا الضوئية والطاقة الشمسية بالمملكة وفي العالم بشكل عام. وأضاف: نعمل على جزئيتَين لبحوث الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، والعالم جميعه يدرس الطاقة الشمسية بعُمق، ومن قبل 40 عامًا بدأت فكرة أن الشمس بها طاقة استغلها الإنسان على الأرض، غير أن العلم لم يتقدم في تطوير هذه الطاقة إلا قبل 15 عامًا، وجميع علماء الأرض وصلوا في الوقت الراهن إلى أن الطاقة الشمسية هي طاقة مستقبلية مستدامة. نظمي النصر ■ منظومة علمية واقتصادية ضخمة تتلخص في م. نظمي النصر، الذي تفوّق أكاديميًّا، وتميّز عمليًّا، واتسع بقدراته التي بدأها بحصوله على البكالوريوس في الهندسة الكيميائية عام 1978 من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، قبل أن ينضم في نفس العام إلى أرامكو، حيث أمضى السنوات الثلاث الأولى من تعيينه بإدارة الخدمات الهندسية. ■ وفي عام 1981 بدأ العمل على تنفيذ شبكة الغاز الرئيسة بالمملكة. أمضى نصف خدمته التي تصل إلى 32 عامًا في العمل مع الشركات الدولية الهندسية والاستشارية في الولاياتالمتحدة، والمملكة المتحدة، وهولندا، واليابان، فيما أمضى النصف الثاني من مسيرته المهنيّة بالمملكة. ■ أسهم في ضمان قدرة المملكة على سد العجز في الإنتاج الذي حدث بسبب توقف إنتاج النفط من العراقوالكويت إبان حرب تحرير الكويت. م. نظمي النصر خلال حواره مع الزميل الحجيري (تصوير: فيصل حقوي)