تواصل ميليشيات الحوثي مساعيها الحثيثة للسيطرة على قطاع التعليم الأساسي والثانوي في المناطق الباقية تحت سيطرة الانقلابيين في اليمن. ويركز الحوثيون بشكل كبير على العاصمة صنعاء وذمار والمحويت وحجه وعمران كمحافظات ذات بيئة اجتماعية وثقافية متشابهة. وأعلنت الميليشيات الحوثية أخيرا، عن ما أسمته باب التطوع للراغبين في القيام بمهمة تدريس الطلاب بعد أن أعلنت نقابات المعلمين الإضراب عن العمل إلى حين صرف مرتبات منتسبيها المعلمين التي نهبتها الميليشيات على مدار عام كامل. وتستهدف الميليشيات الحوثية بهذا التوجه إحلال معلمين ذوي خلفية طائفية من اتباعهم بدلا عن المعلمين المعينين بشكل قانوني ومهني منذ أكثر من عشرين عاما وعبر حكومات متعاقبة على اليمن، كان آخرها حكومة الوفاق الوطني المنبثقة عن المبادرة الخليجية عام 2012. وكان قطاع التعليم في اليمن قد بدأ بعد ثورة اليمن عام 1962 بالشكل الحديث على أيدي أساتذة ومعلمين من مصر، وبعد ذلك السودان وسوريا والعراق، بعد أن كانت المدارس في الشمال عبارة عن كتاتيب تدرس باللوح والقلم الخشبي، باستثناء مدارس قليلة كانت في عواصمالمحافظات. وتكفلت دول الخليج العربية وتحديدا المملكة العربية السعودية والكويت حينها بتمويل مشاريع تعليمية في اليمن. ووصل الحال الى دفع مرتبات شهرية للطلاب الذين يصلون الى المرحلة الجامعية، إضافة إلى التكفل برسوم ومصاريف الطلاب المبتعثين للدراسة في الخارج، وكذلك دفع مرتبات المعلمين الأجانب الذين يتم استقدامهم لتعليم الطلاب اليمنيين وذلك حتى العام 1990. وتعتبر ميليشيات الانقلاب الحوثية المناهج الدراسية الموجودة في اليمن منذ الثورة السبتمبرية عام 1962، مع تعديلاتها موجهة ضدها كوريث للعهد الإمامي الذي أطاحت به الثورة، إضافة إلى أن هذه المناهج تقف عائقا أمام الميليشيات لنشر مفاهيمها ومعتقداتها الطائفية بين الطلاب. وعمدت ميليشيات الحوثي على تعديل المناهج التعليمية في مناطق سيطرتها، وأدخلت أفكارا طائفية في المقررات الدراسية، إضافة إلى ادخال شخصيات تابعة للميليشيات ضمن المقررات التعليمية، كشخصيات ذات أهمية دينية ووطنية مثل مؤسس الميليشيات الصريع حسين الحوثي، وشقيقه زعيم الميليشيات الحالي عبدالملك الحوثي. ولوحظ من خلال تعديلات الحوثيين على المناهج الدراسية للصفوف الأولى والمتوسطة والثانوية، إزالة أية مقررات ترتبط بالخلفاء الراشدين أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب- رضي الله عنهم-، وكذلك قامت بحذف سورة النور التي تبرئ أم المؤمنين عائشة- رضي الله عنها-، بالإضافة لوضع مقررات تبشر بالمهدي والتهيئة لظهوره ووضع مفاهيم طائفية في الكتب المدرسية. وأعلنت ميليشيات الحوثي أخيرا عن جملة تعيينات لقيادات طائفية تابعة للميليشيات الطائفية في مناصب إدارية تعليمية كمدراء ووكلاء مدارس ومسؤولين عن إدارات التربية والتعليم على مستوى المديريات والمحافظات، وذلك من أجل اكمال حلقة السيطرة على التعليم عبر المناهج والمعلمين والادارات التعليمية والمدرسية. ويدير وزارة التربية والتعليم الانقلابية شقيق عبدالملك الحوثي، يحيى الحوثي، والذي كان مقررا أن يتولى منصب نائب رئيس البرلمان بموجب إتفاق الشراكة بين مختطفي الشرعية حزب المخلوع صالح والحوثيين، غير أن الميليشيات عينت يحيى الحوثي وزيرا للتربية والتعليم من أجل أن ينفذ الأخير مخطط الميليشيات الطائفية في قطاع التعليم. ورغم أن المخلوع صالح وقيادات حزبه كانوا قد رفضوا تغيير المناهج الدراسية من قبل الحوثيين، غير أن عبدالملك الحوثي يعتبر التعليم ذا أهمية كبيرة بالنسبة للمشروع الطائفي الحوثي في اليمن، وذلك من خلال تكليف شقيقه بهذا الملف يعاونه في ذلك فريق كبير مهمته الوحيدة تحويل المدارس إلى معامل انتاج ميليشيات طائفية بدلا من الاعتماد على الحوزات والمراكز الطائفية. وكانت ميليشيات الحوثي منذ بداية تبلور مشروعها الدخيل على المجتمع اليمني قد جعلت التعليم منذ الصغر وسيلة لتنشئة جيل مسلح بأفكار طائفية، وجعلت من الحوزات والمراكز الطائفية معسكرات رئيسية لتشكيل الجناح العسكري للميليشيات بدعم وتمويل سخي من إيران. وتظهر تحركات الحوثيين في هذا الجانب سرعتها في تعديل المناهج التعليمية لطلاب المراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية، بالإضافة لوضع المقررات الجامعية أيضا من خلال إدخال كتاب جديد وفرضه كمقرر إلزامي على كل الكليات.