ارتبط اسم المعلق المخضرم محمد البكر بأسماع الجماهير السعودية على مختلف ميولها لفترة تجاوزت الثلاثين عاماً، لكنه فجأة قرر اعتزال التعليق وهو في أوج عطائه، قبل احد عشر عاماً مكتفياً بما حققه، مبدياً رضاه عن مشواره الرياضي، معللاً قراره بأن ظروفه العائلية والعملية تحول دون تواجده داخل «كابينة التعليق» خلف الميكروفون الذي صدح خلفه بنبرة صوت حباه الله بها، ليتميز بكثير من العبارات التي ارتبطت بوجدان الجماهير ومنها اللازمة الشهيرة «والعلم عند الله».. البكر عاد للتعليق عبر الباب الواسع «ديربي الرياض»، «اليوم» حاورت البكر ليسترجع لنا ذكريات الزمن الجميل فإلى ثنايا الحوار: ■ كيف ترى عودتك للتعليق بعد الابتعاد.. وهل البيئة الرياضية الحالية، التي تشهد عودة الكرة السعودية لتوهجها من جديد سبب في ذلك؟ * عودتي كانت شبه مستحيلة، فأنا اتخذت قرار الاعتزال عن طيب خاطر وقناعة تامة، ولكن ما سمعته من معالي رئيس الهيئة من أن العودة ما هي إلا جزء بسيط من مشروع كبير للتعليق السعودي، اقتنعت بالعودة. ■ طلب رئيس الهيئة معالي المستشار تركي آل الشيخ بالعودة للتعليق.. ماذا يعني لك؟ * معاليه أوقد شمعة الوفاء ليس لي فحسب بل لنخبة ممن خدموا كرة القدم السعودية، وبالتأكيد تعني لي الكثير والكثير، فهي من ناحية تكريم لي ومن ناحية أخرى درس عن وفاء ليس بغريب عن معاليه. ■ أبو أريج هذا الحوار في صفحة اسمها وهج الماضي.. لذلك اسمح لنا أن نغوص معك في بحره.. هل أنت نادم على دخولك الوسط الرياضي؟ * لم أندم على أي قرار اتخذته في حياتي، فأنا مقتنع بكل خطواتي التي خطوتها، خاصة انضمامي للوسط الرياضي الذي لولاه لما عرفتني الجماهير السعودية. ■ مررت بالعديد من المحطات الإعلامية في الإعلام المقروء والمرئي.. أين وجدت امكاناتك أكثر.. ام كلاهما في الهم واحد؟ * الحقيقة انني استمتعت بكليهما.. وجدت نفسي في المقروء كما وجدته في المرئي.. الفارق ان المرئي ينقلك لقلوب الناس وبيوتهم ومجالسهم بعكس المقروء الذي لا يصل الا لمَنْ يبحث عنك. ■ كتابة المقال اليومي مرهقة.. اشتهرت بزاويتك (سواليف)، ما الفرق بين الكتابة الرياضية من جهة والاجتماعية من جهة أخرى؟ * أنا مارست الكتابة اليومية في المجالين، والفرق هو أنك تخاطب شريحة محددة في الكتابة الرياضية بينما تخاطب شريحة كبيرة من المجتمع في الكتابة الاجتماعية. ■ الكاتب يمر بحالات نفسية وانفعالية.. هل كتبت تحت هذا التأثير وندمت؟ * كما قلت لك أنا أفعل ما أنا مقتنع به سواء بالفعل أو القول أو الكتابة، ولهذا لا أندم على شيء ولدي الشجاعة لتحمل نتيجة أفعالي أو كتاباتي. ■ إعلامي بحجم وشهرة البكر.. كيف يقارن بين إعلام الماضي والحاضر؟ * التعميم غير صحيح... هناك إعلام مرئي ومسموع يمكن أن نقول إن الحاضر أجمل، وهناك فن كتابة المقالات والماضي فيها أجود وأجمل من الحاضر. ■ هل تؤمن بأن هناك صحفيا وهناك كاتب عمود.. وأين يجد البكر نفسه؟ * هناك فرق كبير فليس كل صحفي قادر على كتابة المقالات ولا كل كاتب يمكنه أن يتحول لصحفي يلاحق الأخبار والأحداث. ■ نعود معك لجنون الكرة.. وتحديدا الفترة الذهبية لك في التعليق على نهائيات كأس العالم وآسيا وأبطال أوروبا.. طوال عشرين سنة.. هل أنت راضٍ بما حققت في هذا المضمار من أهداف؟ * صدقني أنا محظوظ وعندي قناعة بأن أمي راضية عني وتدعو لي، ولولا ذلك لما تحققت لي كل تلك النجاحات.. لقد حققت كل احلامي وشاركت في كل البطولات وعلقت على معظم النهائيات التي شرفها قادة هذا الوطن العظيم. أنا راض بكل تأكيد عن مشواري في التعليق. ■ زمان كان عالم التعليق يختص بالقلة.. والآن بالكثرة.. هل انتقلنا من الكيف للكم.. ام هي ظاهرة صحية؟ * كلامك فيه جزء من الصحة، وهذا خطأ فالكثير من الدول تحافظ على أصحاب الخبرة ولا تمنح الفرص للشباب إلا بعد أن يكتسبوا الخبرة في مباريات الدرجة الأولى. ■ أطلقت على العديد من نجوم الكرة السعودية ألقابا ما زالت في الذاكرة.. هل تتذكر أبرزها؟ * الأسمراني لماجد عبدالله والشلهوب الموهوب والدكتور ليوسف الثنيان. ■ ارتبط اسم البكر في التعليق الرياضي بالفرح والإنجازات للمنتخب والأندية.. هل كنت محظوظا؟ * نعم، كنت محظوظا أن بدأت التعليق مع نخبة من نجوم الكرة السعودية... فهم مَنْ حققوا البطولات وأنا مَنْ وثقها لهم وللوطن. ■ ما هو الانجاز السعودي الذي لا ينساه محمد البكر؟ * كل إنجازات الوطن محل فخر لي كسعودي، لكنني أميل لكأس أمم آسيا 88 لأنها أول بطولة لمنتخبنا بصوتي. ■ أعرف أن بدايتك مع التعليق كانت صعبة للغاية.. هل صحيح أنك كنت تحاول سبع سنوات للدخول في هذا المجال؟ * سبع سنوات عجاف ولكن أن تصل متأخرا خير من ألا تصل. ■ هل تذكر أول مباراة علقت عليها؟ * مباراة انجلترا وإيطاليا وكانت مباراة خيرية وعلقت عليها من الاستديو ومنها عرفتني الجماهير. ■ ما هي المباراة التي تمنيت التعليق عليها وحرمت منها، وما الأسباب؟ * علقت على كل البطولات الخليجية والعربية والقارية والعالمية، وارتبط صوتي مع معظم الإنجازات، التي حققتها منتخباتنا الوطنية والأندية السعودية وتشرفت بالتعليق على مباريات شرفها وكما قلت قادة هذا البلد. فهل تعتقد أنني اتمنى غير ذلك. كان الله كريما معي فأكرمني بكل ذلك. ■ تنتمي للجيل الذهبي للمعلقين السعوديين.. هل هذا الجيل يصعب تكراره؟ * لا أبدا لدينا معلقون كبار من الجيل الجديد من أمثال عبدالله الحربي وفهد العتيبي وعيسى الحربين وجعفر الصليح ومشاري القرني وغيرهم. ■ ما أسماء المعلقين الذين تستمع إليهم؟ * الأسماء التي ذكرتها في سؤالك السابق. ■ تؤيد أي مدرسة في التعليق النبرة العالية ام الهادئة؟ ولماذا؟ * أنا مع مدرسة امريكا الجنوبية بنبرات معلقيها القوية والمثيرة. ■ هل تؤيد المقارنة بين المعلقين؟ كما هو حاصل مع اللاعبين؟ * كل له اسلوبه ولا أحب المقارنة والقمة ليست مدببة، بل مسطحة تستوعب الكثير. ■ عدت للتعليق من بوابة الديربي الصعبة.. هل قمت بإعداد خاص لتلك المباراة، لاسيما انها جاءت بعد 10 سنوات من اعتزال التعليق؟ * جاءت بعد 11 سنة وهذا صعّب المهمة علي، خاصة أن طبيب الأنف والحنجرة الاستشاري الدكتور نبيل بسمة، حذرني من الاندفاع وقال لي بالحرف الواحد لو كان الأمر بيدي لمنعتك من التعليق. ■ بصراحة هل كنت محايداً وهل جاءتك تعليقات بعد المباراة تتهمك بالانحياز لفريق على حساب الآخر؟ * الإنسان يعمل بما يمليه عليه ضميره ولكن رضا الناس غاية لا تدرك، وأنا علقت على المباراة بتركيز لا يمكن معه الانحياز لأي من الفريقين، ثم أن من المستحيل أن أخيب ظن مَنْ منحني هذه الأمانة. ■ كيف شاهدت تأهل المنتخب السعودي لمونديال روسيا؟ * رأيتها وكأنها إعلان لمرحلة ذهبية للرياضة السعودية بشكل عام ولكرة القدم السعودية بشكل خاص. ■ هل ترى ان المنتخب السعودي قادر على الوصول لأدوار متقدمة في كأس العالم؟ * لا يزال الوقت مبكرا للحكم على المنتخب، ثم أن ذلك يجب أن يكون بعيدا عن عواطفنا فكرة القدم لها قواعدها. ولكن بإذن الله ستكون لنا بصمة هناك. ■ ما هي وصفتك لاستفادة المنتخبات السعودية من اللاعبين المواليد؟ وهل القرار تأخر أم جاء في الوقت المناسب؟ * نعم، تأخر القرار ففقدنا عددا من النجوم ولو لم نكن في دولة ولادة للنجوم لعانينا الأمرين. ■ كلمة أخيرة تود قولها؟ * الرياضة السعودية تمر بمرحلة ذهبية جديدة، فليستعد إعلامنا لمواكبة هذه المرحلة.