قال لي ابني يوما ما: يا أمي، أنتم ذلك الجيل الذي أطلق عليه «جيل الطيبين»، وزمانكم هو الزمن الجميل، بالرغم من عدم توافر وسائل الترفيه في ذلك الوقت، فلماذا كان لكم هذا المسمى من الجيل الحالي لحقبتكم؟ أجبته قائلة: وأنتم كذلك بإمكانكم أن تعيدوا تلك الأيام الجميلة إلى جيل التقدم والحضارة الذي نعيشه هذه الأيام، فالمبادئ ليس لها عمر معين، أو جيل معين، أو فئة معينة من الناس، طالما أن من يدير المدينة الفاضلة هي تلك المبادئ. فإذا ما اجتمعت العائلة على سفرة واحدة أثناء وجبتي الغداء والعشاء فإنه يحق لكم بعد مرور السنين أن يطلق عليكم جيل الطيبين. إذا ما ذهبت العائلة إلى الحقل للعمل هناك كل حسب العمل المكلف به يدا بيد فسيطلق عليكم الجيل القادم جيل الطيبين. إذا اقتسمت الوجبة مع جارك وشاركته أفراحك وهمومك فأنت بلا شك عضو مهم في جيل الطيبين. إذا كان كبيركم يعطف على صغيركم، ووجدت الأخير يحترم الأول، فستكون في المستقبل من أفراد جيل الطيبين. إذا جاء ابنك إلى المنزل باكيا، وأخبرك بأن جاركم قد أدبه لأنه قام بعمل مشين في الحي أو لأنه كان يتسكع أثناء وقت الصلاة، وقمت أنت بشكر جارك لقيامه بدور الأب في غيابك لأنه أسدى إليك معروفا، وكان رجال الحي يقومون بعمل أولياء الأمور، فذلك الحي سيكون من جيل الطيبين. إذا مرت عليك السنون وأعيد مشهد ما في التلفزيون لتلك الصورة الجمالية التي كنت تعيشها في عصرك الحالي، ونطقت دموعك قبل لسانك، فجيلك الحالي هو جيل الطيبين. إذا اجتمعت نسوة الحي بعد صلاة العصر عند إحداهن، وكان حديثهن عن ذلك المشهد الحزين في المسلسل البدوي الذي عرض ليلة البارحة، فأولئك النسوة من جيل الطيبين. فجيل الطيبين قد نحولها إلى حياة الطيبين والعيش في كنفها دون التطرق إلى مأساة ومعاناة هذا الجيل ومشاغله.