العلاقات السعودية الروسية ليست جديدة في حد ذاتها غير أن تعميقها وتجذيرها في مجالات حيوية جديدة بين البلدين، هو ما سوف تترجمه الزيارة الحالية التي يقوم بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - الى موسكو، تلبية لدعوة تلقاها من فخامة الرئيس الروسي، فهذه الزيارة تعد منعطفا هاما لدعم العلاقات بين البلدين الصديقين في مختلف المجالات والميادين لا سيما الاقتصادية منها. والقنوات التي يمكن التعاون في مجالاتها عديدة ومتشعبة لا سيما الاقتصادية منها وفقا لاستثمارات سوف توقع اتفاقياتها خلال الزيارة، ويهم المملكة عقد شراكات مع موسكو في سبيل توطين الصناعة والبحث عن منافذ جديدة للدخل غير مرتبطة بالنفط، وتلك شراكات سوف تعود على البلدين الصديقين بمنافع متعددة، والمملكة حريصة وهي تقوم بانفاذ مراحل رؤيتها الطموح 2030 لعقد المزيد من اتفاقيات الشراكة مع كبريات الدول الصناعية في العالم. توطين العديد من الصناعات بالمملكة مهمة تسعى لها القيادة الرشيدة وهي تقوم بترجمة رؤيتها الطموح 2030 على أرض الواقع، وسبق للمملكة التوقيع على سلسلة من الشراكات مع دول صناعية كبرى تستهدف من ورائها نقل التقنية اليها وتوطين الصناعة وتفعيل الفرص الاستثمارية بينها وبين تلك الدول، فالرغبة ملحة انطلاقا من تلك الأهداف الى عقد شراكات جديدة مع سائر الدول الصديقة. ولا شك أن الزيارة سوف تؤدي الى اقتناص فرص استثمارية متنوعة، في مجال النقل البحري والبري والسكك الحديدية والنقل بالقطارات وغيرها من الفرص، وهو أمر سوف يفتح المجال لتوطين تلك الفرص الاستثمارية بالمملكة من خلال عمليات التصنيع لا سيما في تلك المشروعات المطروحة بين البلدين، ويهم المملكة توطين كافة الصناعات الخفيفة والثقيلة على أرضها. من جانب آخر فان الزيارة سوف تركز على مسألتين حيويتين، الأولى تتعلق بتعزيز التعاون بين البلدين في مختلف المجالات، والمملكة حريصة انطلاقا من تعزيز التعاون بينها وبين موسكو على تبادل وجهات النظر حيال كافة المسائل السياسية وموقف البلدين منها. والمسألة الأخرى ذات علاقة برغبة البلدين في احتواء ظاهرة الارهاب وملاحقة الارهابيين أينما وجدوا، وقد عانت المملكة وروسيا الأمرين من عبث أولئك الخارجين عن القانون وعن كل الأعراف، فالتعاون بين البلدين في مجال مكافحة تلك الآفة الخطيرة يشكل منعطفا هاما لاحتوائها، تدشينا للتوجهات الدولية نحو الخلاص من تلك الظاهرة الشريرة ووضع حد نهائي وقاطع يؤدي الى استئصالها من جذورها. زيارة خادم الحرمين الشريفين لموسكو لها أهميتها الخاصة في ظل الظروف التي تعيشها كافة دول العالم، فثمة أزمات صعبة تواجهها مختلف الدول ولا بد من تقريب وجهات النظر حولها، وثمة تطابق في الرؤى حول تلك الأزمات بين البلدين الصديقين، يمنح فرصة مواتية لبحثها وإيجاد أفضل الحلول الناجعة لتسويتها بالتعاون مع كافة دول العالم المحبة للأمن والاستقرار والسيادة.