نشرت صحيفة «واشنطن بوست» مقالا لرئيس مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية كليف دي ماي، قال فيه: «قبل 11 عاما مضت قال هنري كيسنجر قولته الشهيرة: على حكام إيران أن يقرروا إن كانوا يمثلون قضية أم أمة؟، فإذا كان خيارهم هو الأخير ستتوافق المصالح الإيرانيةوالأمريكية معا، أما إذا كانوا يمثلون قضية وأصرت طهران على تقاليد الإمبراطورية الفارسية فسيكون لا مفر لها من التصادم مع أمريكا». وأضاف الكاتب في مقاله: «لم يترك حكام إيران -منذ مقولة كيسنجر أي مجال للشك وبطريقة عنيفة- اجتهادهم في بناء إمبراطورية فارسية جديدة»، وتابع: «لم يفاجئ ذلك أي شخص يدرس بتمعن أيديولوجية الخميني، مؤسس الجمهورية الإيرانية، فما الذي يمكن أن يتوصل إليه الدارس؟». ورد كليف على تساؤله قائلا: «أول ما سنلاحظه أن مشروعهم حظي بدعم كبير من الولاياتالمتحدة، لا أحد يستطيع القول إن هذا الدعم تم عن قصد مسبق من قبل صانعي السياسة الأمريكية، ولكنه يظل واقعا مشاهدا لا يستطيع تكذيبه أحد، فإطاحة الرئيس جورج دبليو بوش بصدام حسين في 2003 قضى على عدو إيران ومنافسها اللدود، وأزال عقبة كانت تقف في طريق مشاريعها التوسعية». طموحات إيران وأشار المقال إلى ما سبق بالقول: «تمرد عراقي واسع بدعم من تنظيم القاعدة يعززه موالون لصدام، وحرب ضد القوات الأمريكية تشنها ميليشيا طائفية مدعومة من إيران، الأمر الذي جعل الرئيس بوش يصدر قراره باجتياح العراق بقيادة الجنرال ديفيد بترايوس»، وأضاف: «لقد قاتلت القبائل السنية المتوجسة من طموحات إيران التوسعية مع الأمريكيين». وتابع المقال: «باشر حكام إيران لعبة لي الأيدي في بغداد والتركيز بصفة خاصة على تشجيع الطائفية وتمكينها، لم يعد لسنة العراق من يدافع عنهم، تركهم الأمريكيون في العراء فملأ الفراغ تنظيم داعش الإرهابي الذي ما زال يمسك بخناق الجميع حتى اليوم». وقال الكاتب: «في السنوات الأولى من إدارة أوباما أسهمت العقوبات الجادة في تركيع اقتصاد إيران وحدت من قدراته العدوانية، إلا أن نفس الإدارة خففت عقوباتها بشكل واسع مقابل الحصول على اتفاق مؤقت حول برنامج إيران النووي، تلا ذلك اتفاق نهائي، وخطة عمل شاملة مشتركة ثم رفع معظم العقوبات إلى جانب فك الإدارة الأمريكية حظر عشرات المليارات من الدولارات المجمدة من عائدات النفط تم تسليمها مباشرة من الولاياتالمتحدةلطهران». وأوضح الكاتب الأمريكي أن هذا الدعم سمح لحكام إيران بالدفاع عن رجلهم في سوريا بشار الأسد، مستخدمين قوات النخبة وميليشيا حزب الله، وفتح الباب أمامهم واسعا لتمويل وتنظيم ميليشيا طائفية أخرى في سورياوالعراق، فيما ينشطون حاليا في تجنيد الآلاف من أفغانستان وباكستان وضمهم إلى تلك الميليشيا، وقيل إنهم يتقاضون رواتب تصل إلى 600 دولار في الشهر وتلقوا وعودا بالعمل في إيران، وليس مستبعدا أن يتخلف بعضهم للاستيطان في سوريا بشكل دائم. إرهاب طهران ويضيف الكاتب «تخيل ايضا ماذا سيحدث لو ان هذه الامبراطورية مضت قدما لتمتلك اسلحة نووية، ستمد باستخدامها الموانئ السورية على البحر المتوسط نفوذها غربا، وسيجعل ذلك الاردن والكويت والبحرين والمملكة العربية السعودية ودولا اخرى عرضة لإرهاب طهران وتهديداته». هكذا إذاً يمضي المشروع الإمبراطوري الإيراني، فيعبر الحدود متحولا إلى مشروع توسعي، ولك أن تتصور إذا اصبحت إيران القوة المهيمنة في العراق وفي سوريا ولبنان، واليمن المطلة على أحد أهم ممرات العالم المائية الإستراتيجية؟.