تغطّي المظلات مساحة شاسعة من ساحات المسجد النبوي الشريف، لتشكّل منظراً هندسياً أخاذاً، تمتزج فيه روعة وإبداع التصميم بعظمة المكان الذي يفد إليه المسلمون من كافة الدول والأقطار للصلاة فيه والتشرّف بالسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى صاحبيه رضي الله عنهما، وأداء العبادات في أجواء من الطمأنينة والراحة والأمان. وتستوقف زائر المسجد النبوي هذه الأيام، مشاهد جلوس أعداد كبيرة من الزائرين على الفرش الممتدة في ساحات المسجد النبوي، وهم ينعمون بالظلال الوارفة أسفل المظلات، لا سيما قبل دخول وقت الصلاة، ويمضون الأوقات بصحبة أطفالهم وذويهم، ويوثّقون لحظاتهم، حيث تظلّل كل مظلة نحو 800 مصلٍ، فضلاً عن الطاقة الاستيعابية الكبرى التي تتوافر داخل المسجد النبوي وسطحه. المظلات تغطي كافة ساحات المسجد النبوي (واس) ويعدّ مشروع تظليل ساحات المسجد النبوي الشريف الذي يتألف من 250 مظلة متحركة صمّمت خصيصاً للمسجد النبوي الشريف، إذ تم تركيبها في كافة أرجاء الساحات المحيطة بالمسجد باتجاهاته الأربعة، واحداً من الأعمال الجليلة التي هيأتها المملكة للعناية بضيوف الرحمن من الحجاج والمعتمرين، حيث يهدف المشروع إلى توفير الراحة والاطمئنان لزوار المسجد النبوي، وحماية المصلين من الحرارة المنبعثة من أشعة الشمس ومن مخاطر الانزلاق والسقوط أثناء هطول المطر، حيث شيّد المشروع وفق متطلبات عديدة وجودة تلبّي كافة الاحتياجات، وبمواصفات إنشائية خاصة توفّر مقاومة عالية للرياح والحرائق والأمطار، وثباتاً في نوعية النسيج والمواد المستخدمة في تنفيذها ولونها الرملي، بما يمكن من نفاذ الضوء وحماية التصاميم والزخارف التي رسمت على كل مظلة. وتتألف المظلة الواحدة من جزأين متداخلين يعلو أحدهما الآخر، فيما تتساوى عند الإغلاق، وتبلغ أبعاد المظلة نحو 25,5 متر في 25,5 متر، ويصل ارتفاعها إلى نحو 22 متراً, وتزن ما يقارب ال 40 طناً، وتعمل بنظام آلي لفتح المظلة مع بزوغ الشمس وإغلاقها قبل الغروب، وتشمل أجزاء المظلة أذرعاً مغطاة بألياف كربونية زجاجية كسيت بزخارف من الفسيفساء، وصمّمت المظلات بمواد ذات كفاءة عالية من بينها النحاس المطلي بالذهب، ويتكوّن جسم المظلة من اسطوانة تحوي بداخلها وحدة التشغيل، وثماني دعامات علوية وثماني دعامات سفلية، وثمانية أذرع داخلية ووسطية وأخرى قطرية، وأذرع مساندة، توفّر انسيابية في حركة فتح وإغلاق المظلة وفق نظام آلي مرن. وتحوي المظلات 436 مروحة رذاذ تم تركيبها في جوانب المظلات تحتوي كل مروحة على 16 فتحة ينفذ منها رذاذ الماء بطريقة تمنع سقوط المياه عند إيقاف تشغيل المروحة، وتقوم المراوح بمعالجة نحو 200 لتر من المياه في الساعة الواحدة عند كل عمود، ويتم تزويدها بالمياه عبر محطتين لتنقية المياه من البكتيريا والأملاح وكذلك من الشوائب لضمان جودة مياه الرذاذ، وتعمل المراوح على ترطيب الهواء الخارجي لينعم المصلون في مواسم الحج والعمرة ورمضان بأجواء ملائمة لا سيما أثناء اشتداد حرارة الطقس وجفاف المناخ.