أظهر تقرير حديث ارتفاعًا ملحوظًا في تداولات السلع خلال الأسبوع الماضي، إذ ازدادت الأسعار بحدّة في كافة القطاعات، وليس أقلها الطاقة والمعادن، نتيجة لأحداث متعددة تمثّل أخطرها في الآثار الكارثية الناجمة عن إعصار 'هارفي‘ الذي ضرب سواحل خليج تكساس، وتسبب نتيجة مساره ومدته وغزارة أمطاره بالبؤس لملايين الناس، وخاصة في هيوستن، التي تعد رابع أكبر مدينة في الولاياتالمتحدةالأمريكية. وأوضح التقرير الصادر عن ساكسو بنك، أنه نظرًا لمكانتها المهمة كمركز عالمي أساسي لأنشطة التكرير والإنتاج، فقد تسبب إغلاق قطاع الطاقة في تكساس بإطلاق موجة من الآثار التي ضربت سوق الطاقة العالمية. وتم إغلاق مصافي التكرير في منطقة الإعصار التي تمثل ربع قدرة الولاياتالمتحدةالأمريكية، وتوقفت كامل أنشطة استيراد وتصدير النفط والمنتجات تقريبًا جرّاء إغلاق الموانئ. وعلاوة على ذلك، اضطرت خطوط الأنابيب الأساسية التي تزود الديزل والبنزين إلى مركز المنتجات المهم في نيويورك للتوقف نظرًا لانقطاع التدفقات من مجموعة من أكبر مصافي ساحل خليج تكساس في الولاياتالمتحدةالأمريكية. ونتيجة لذلك، ارتفعت أسعار البنزين والمنتجات بشكل كبير، فيما تراجعت أسعار النفط الخام جرّاء انهيار حجم الطلب. وتلقّت أسعار المعادن الثمينة دفعة قوية، حيث تمكن الذهب أخيرًا من تخطّي المقاومة عند عتبة 1300 دولار للأونصة، مما دفعه لتحقيق أفضل أداء شهري منذ يناير. وبغض النظر عن الشراء الفني الناجم عن الارتفاع، جاء الدعم نتيجة للمخاوف المتشكلة من سقف الديون الأمريكية والإصلاحات الضريبية، فضلًا عن استمرار التوترات الجيوسياسية. كما جاء الدعم نتيجة لأسعار الدولار التي وصلت لأدنى مستوياتها منذ عامين ونصف العام بالمقارنة مع سلة من 10 عملات عالمية رائدة قبل محاولة الانتعاش المؤقت. وأشار التقرير الى أنه نظرًا للتوقعات الشاملة التي تضمّنها تقرير التقديرات العالمية للعرض والطلب الشهر الماضي، والتي ساعدت في دفع القطاع نحو الانخفاض بشكل كبير، قد تبدأ السوق في البحث عن بعض التصحيحات الداعمة لانخفاض الأسعار على الإنتاج والعائدات. وتنبع القصة الرئيسية، وتلك التي يمكن الشعور بها حاليًا في شتى أنحاء العالم من حيث ارتفاع الأسعار في المضخات، عن الاضطرابات المتعددة التي تعاني منها تدفقات الطاقة على ساحل تكساس. ولابد هنا من الإشارة إلى وجود الكثير من الكلام عن الآثار المترتبة على عمليات الإنتاج والاستيراد والتصدير في المصافي، فضلًا عن خطوط الإمداد الحيوية التي تنقل النفط الخام والمنتجات المكررة بعيدًا عن المنطقة. وفي غضون أربعة أيام فقط، ارتفعت عقود سبتمبر الآجلة للبنزين (RBOB)، والتي أصبحت مستحقة الآن، بنحو الثلث تقريبًا، وتراجعت أسعار النفط الخام في ظل الانخفاض الكبير في الطلب. وقد تستغرق مرحلة التعافي أسابيع من الزمن نظرًا لحاجة المصافي الماسة إلى عودة العمال (وربما فقد كثيرون منهم منازلهم ووسائل النقل الخاصة بهم). وربما أتى الإعصار على نحو مليون سيارة على طول ساحل خليج تكساس. من جانب آخر، ينبغي تقييم الأضرار (إن وجدت) وإصلاحها، ليصار في نهاية المطاف إلى إعادة فتح الموانئ وخطوط الأنابيب. وتوقع التقرير استمرار دعم الأسعار العالمية للمنتجات المكررة خلال هذه الفترة. وفي محاولة للاستفادة من النقص في المصافي الأمريكية، تهرول المصافي الأوروبية والآسيوية بالفعل لشحن المنتجات من أسواق خارج الولاياتالمتحدةالأمريكية، مما يفرض ضغوطًا تصاعدية على الأسعار في تلك المناطق أيضًا.