الكل يسوي كذا هي جملة مكررة تصفع العقلاء بمنطق الجهلة، وهي مقولة تبرز الجهل في قالب الوهن يرددها الكثير ليبرر لنفسه سوء ما يفعله. «الكل يسوي كذا» ذلك القانون الذاتي الكريه، والسلوك الذهني الخائب.. الكل يسوي كذا هو تفصيل لمفهوم «الإمعة» المائل فحتى الإمعة هو الذي يحسن إذا أحسن الناس ويسيء إذا أساءوا ولكن صاحب قانون «الكل يسوي كذا» هو يسيء في كل الأحوال.. وفعله تطبيق حي لمصطلح الاستلاب. يكذب أحدهم كذبته ويردد الكل يكذب كذا، يخون أمانته ويقول الكل كذا.. يخطئ ويظلم ويبرر بأن الكل والأمور ما تمشي إلا كذا.. يلف ويدور ويذكر بصخب كل الذين حولك كذا.. يفسد، يخدع ويحتال ومعياره الحياة تبغى كذا والكل يسوي كذا، ومصالحك ما تحصل عليها إلا كذا. هكذا بدا المشهد فمقاييس المحاكاة السيئة، والتشبه المكروه، والتقليد السقيم التصق بثقافة الكثير وفلسفته التي أبعدته عن قيم دينه القويم، وأقصته عن واقع الحق والفضيل.. فأنتج هذا الواقع أفرادا لا يملكون رشدا ولا إدراكا فكان المجتمع هو الضحية.. وتعززت مشاهد الانفلات النفسي، والتدني الأخلاقي عند الكثير. وبسوء أثرت هذه الصور وتلك الأساليب عند الكثير على مبادئ جليلة تكون بين البر والتقوى والأمانة.. فجعلت بعضهم يتسلح بمبرراته الواهية حيث يرى أن تردي الأمور وانتشار المرفوض، وتفشي الممنوع كان مبررا لأن يفعل ما يريد، ونظامه الكل يسوي كذا، ولم يعن ان المحرم ظاهر هنا أو هناك يكون مسوغا لأن نحلله لأنفسنا أو نعتقد أن ظهوره وانتشاره يجيزه.. كما تعطل الفهم لدى البعض لدرجة خلطهم الحق بالباطل، وتشوشت مداركهم فغدوا لا يعون ما يفعلون، وصار منطقهم قاصرا بحدود منافعهم، وبمنتهى مصالحهم، وبغاية أهدافهم. ويبقى القول: حين نتجاهل قوله عز وجل «كل نفسٍ بما كسبت رهينة» ولا نستوعبه يقينا وفهما وعملا فنحن في أسفل الجهل وأدنى الغي.. فمن ظن أن سوء فعل الغير يبرر له فعل نفس الأمر فهو خاسر متكبر..ومن تخيل أن مصالحه وتصريف أموره تكون بنفس الأسلوب غير المشروع الذي يفعله غيره فهو واقع في غفلة عظيمة.. فلن يبارك الله أمرا بدأ بباطل، ولن يأخذ أحدنا شيئا إلا ما كتب له، ولن يتم أمر على ما يرام إذا كان بما لا يرضي الله.. ولن تنجز مصالحه الطيبة بطرائق خبيثة ويجد نفسه راضيا.. فأرشدوا فالعاقل خصيم نفسه وكل واحد مرهون بما كسب.