هناك ظروف وخبرات تصقل تجربتك العلمية، وكذلك العملية.. والإنسان قبل أي خبرة يمتلكها يعتبر (مادة خام) وخياراته في الحياة هي من يحدد التجارب التي يتلقاها والخبرة التي يكتسبها.. الجدير بالذكر أن الإنسان يتلقى خبرة من نوع آخر قد لا يفطن لها، لأنها ليست كالخبرات الأخرى يمكن ملاحظتها ظاهريا.. هذا النوع من الخبرات هو العواطف المتراكمة، التي تشكلها مشاعرمعينة تربطه بعلاقة حب أو صداقة مع أشخاص معينين دون غيرهم.. وهي خبرات وتجارب في الواقع تعيد رسم دواخلنا بصورة معينة.. وهذا يحدث مع كل من تربطنا به علاقة، وتحديدا الأشخاص الذين تختارهم ذائقتنا العاطفية.. على سبيل المثال، قد يكون لك علاقة عميقة مع أحد اخوتك دون البقية، وذلك لأن هناك تجاذبات عاطفية أو فكرية أو نفسية تحدث بين أشخاص معينين لا تحدث مع غيرهم.. المهم أن هذه العلاقة أو غيرها لا بد وأن تترك أثرها فيك.. فبعض العلاقات تضخ فيك حماسة الإقبال على الحياة، تعلمك تجاوز الفشل وتعيد صياغة النجاح في حياتك، ترفع نسبة ذكائك إلى أقصاها، لأنها تفتح عينيك وقلبك أمام مباهج الحياة بتفاصيلها الصغيرة قبل الكبيرة.. والموضوع لا يعتمد على نوع العلاقة فحسب، بل يعتمد على الشخص الذي يخترقك ويترك أثره فيك.. محيطك الاجتماعي بعلاقاته المتعددة من أقارب وأصحاب وأحباب، يشكل هويتك النفسية والفكرية، يضخ فيك خبرات وتجارب متعددة سواء بانعكاس ايجابي أو سلبي.. فكما أن هناك شخصيات تمدك بالإحساس بالأمان والدعم والحب هناك من يفعل العكس.. ستقابل في حياتك أفرادا من كلا الصنفين، بعضهم لظروف جبرية فرضتها عليك الحياة- لحسن أو سوء حظك- وبعضهم بصورة عابرة كان اختيارك سببا فيها.. ستقابل أشخاصا يثخنوك بالخداع ثم يغادرونك تاركين لك شعور الخزي بالاستغفال.. وآخرين يغدرون بك في ذروة أمانك لهم.. الأهم في كل هذا أن تتذكر أن الخيبات والمواجع والتعرض القدري لسيئي الخلق سيخلف فيك «لوثة نفسية» عليك أن تفطن لإزالتها، وإلا خلقت منك شخصية ناقمة على الحياة أو مكتئبة أو فاقدة للثقة بالآخرين.. ستؤثر خبراتك العاطفية على هويتك النفسية والاجتماعية.. ليس من السهل تجاوز أزمات الخيبات والخيانات أو رحيل الأحباب إلى الموت، أو غدر القريب أو الصديق.. لذلك نجد أن من تعرض لمثل هذه الأزمات أو واجه مشكلات عنف في محيطه الاجتماعي يترجم خبراته في نمط سلوكي غير طبيعي، قد يكون عدوانيا متنمرا أو متشائما مثقلا بالنظرة السوداوية لكافة الأمور أو متطرفا متأرجح المزاج والأفكار يعاني ازدواجا في الشخصية تجعله يقفز من النقيض للنقيض.. بعض القرارات من شأنها إبعاد مصادر «اللوث النفسي» من حياتك لكن هذا ليس كل الحل.. عليك معالجة الآثار التي خلفتها وعدم تجاهلها مستخدما حيل تضليل الذات.. اطلب المساعدة وحتما ستجد من يعينك على تجاوز أزمتك.. وأخيرا إليك هذه المقولة: (عدم طلبك المساعدة لا يعني بالضرورة أنك شجاع)..