الدعم السخي الذي قدمته وزارة العمل وصندوق الموارد البشرية للقطاع الخاص استغل استغلالا سيئا من قبل بعض المنشآت الصغيرة والمتوسطة، فالمبالغة في الدعم هول من فكرة أن تكلفة السعوديين عالية على القطاع الخاص بشكل أخرج هذا الموضوع عن مساره الصحيح، لا أُنكر أن وزارة العمل تبذل جهودا في زيادة التوطين لكن تلك الجهود تبدو غير ملموسة على أرض الواقع، فالشباب السعودي يبحث عن التوظيف في القطاع الحكومي لتوفر الأمان الوظيفي على عكس القطاع الخاص الذي أضحى شبحا يُطارد الشباب السعودي تُسانده مواد نظام العمل وخاصة المادة «77»!. الدولة تبذل أموالا طائلة وجهودا كبيرة لتقليص حجم البطالة في المملكة، إلا أن كثيرا من الشركات تقوم بالتلاعب والتزوير لحصد الامتيازات من الدولة، والحصول على الدعم بلا مقابل، وهذا ما يسمى السعودة الوهمية حيث إن رقم البطالة يأبى أن ينهار والمفاجأة المدوية قد تضمنها تقرير «التأمينات» العام المنصرم والذي أشار إلى أن 48% من المواطنين العاملين في القطاع الخاص تتراوح رواتبهم بين 1500 إلى 3000 ريال، مما يؤكد لنا أن هناك سعودة وهمية، الأمر الذي يفقد وزارة العمل 50% من منجزاتها في التوطين، ويلقي بظلاله على الاقتصاد وعلى مستقبل مواطنين لم يمارسوا أعمالا، ولم يكتسبوا خبرات تذكر. كلنا نعلم أن توجه شركات القطاع الخاص للاستقدام -والتي تُدار غالبا من قبل الوافدين- يعود إلى عدم رغبتهم في تواجد الشاب السعودي في الوظائف القيادية والاكتفاء به في الوظائف البسيطة، والتي عادة لا يكون لها تأثير كبير على مسار عمل المنشأة ودائما ما تكون ذات أجورٍ متدنيةٍ، في ظل صمت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية والشركات أو المؤسسات الصغيرة هي الأكثر تحايلا على نظام سعودة الوظائف، وللأسف فإن النساء هن أكثر من يبحث عن وظائف السعودة الوهمية، ويتلقين مقابل ذلك مبالغ زهيدة لا تتعدى 2000 ريال شهريا، يليهن طلاب وطالبات مرحلتي الكليات والجامعات. 70 % من منشآت القطاع الخاص تُدار بواسطة وافدين استأجروا سجلات تجارية لممارسة نشاط التجارة من البعض من المواطنبن المتسترين على الوافدين، وللأسف هم مواطنون نظير طفسة يدفعها الوافد لهم آخر الشهر وهو يكسب مئات الألوف، وتلك الممارسات من الأسباب التي أفضت إلى تنامي السعودة الوهمية في ظل صمت المعنيين عن إقرار حد أدني لرواتب السعوديين في القطاع الخاص حسب حجم الشركة، فإذا كانت صغيرة جدا 3000 ريال وللصغيرة 4000 وللمتوسطة 5000 وللشركة الكبيرة 6000 وللشركة الكبيرة جدا 7000 ريال وما فوق، والتصنيف يكون من خلال نطاقات وتُعطى ميزات للشركات التي ترفع رواتب السعوديين وتُمنح تسهيلات في إنهاء الاجراءات الحكومية بشكل سريع للملتزمين بنِسب سعودة تتجاوز 70٪، وتماشيا مع رؤية السعودية 2030 آمل رفع نسبة السعودة في مجالات ومهن يحتاجها الوطن وأن تتبنى وزارة العمل سعودة الوظائف العليا في الشركات فتنظيف الدرج يبدأ من الأعلى وليس من الأسفل؟!.