وافقت دول المقاطعة على المهلة التي طلبتها الدوحة للرد على مطالبها، غير أنها في ذات الوقت أعادت إدارة إسطوانتها المشروخة بأن الاتهامات الموجهة إليها لا أساس لها من الصحة وأنها وضعت لترفض، والعودة لهذه المراوغة المكشوفة يعطي انطباعا أوليا بأن الدوحة غير عازمة للموافقة على منطوق متطلبات دول المقاطعة، ويعني في ذات الوقت رغبتها المحمومة في إطالة أمد الأزمة. وتلك المناورات تطرح الخيار الوحيد أمام دول المقاطعة بفرض مزيد من العقوبات على قطر إن لم تستجب للمطالب المشروعة التي قدمت لها عبر دولة الكويت كوسيط لحل الخلاف القائم داخل البيت الخليجي، وهذا الخيار يضر بالمصالح القومية لدولة قطر فهو يعني المزيد من العقوبات التي سوف تعمق معاناة الدوحة لاسيما المعاناة الاقتصادية التي أخذت علاماتها تظهر بوضوح على السطح. وأوجه العقوبات الجديدة متعددة من بينها سحب الودائع والقروض الخليجية من المصارف القطرية، ومن شأن هذه الخطوة إن اتخذت أن تلحق الضرر باقتصاديات قطر التي بدأت تهتز في أعقاب المقاطعة المفروضة حول الدوحة، وليس من مصلحة قطر السباحة ضد التيار، فالعالم بأسره يقف ضد تصرفاتها المشينة بدعم ظاهرة الإرهاب على اعتبار أنها ظاهرة يحاربها العالم بأسره ولا تحاربها دول المقاطعة وحدها. ولا سبيل لإنهاء الأزمة القائمة إلا برضوخ ساسة قطر لمطالب دول المقاطعة وعلى رأسها وقف تمويلهم بالمال ودعمهم السياسي والإعلامي للتنظيمات الإرهابية وصولا إلى تجنيب المنطقة مخاطر الإرهاب وتعزيز استقرار المنطقة. والتغريد خارج السرب الممارس من قبل الدوحة بدعمها ظاهرة الارهاب سوف يدخلها في نفق مظلم من العزلة لا يبدو في نهايته بصيص أمل لتسوية أزمتها الا بالعودة الى الرشد والصواب. والرضوخ لتلك المطالب التي قدمتها دول المقاطعة من شأنه قطع تمويل الارهاب، فليس هناك ما يدعو للتفاوض والنقاش حول النقاط المطروحة في المطالب فهي لا تمس السيادة القطرية ولكنها تستهدف مكافحة الارهاب والحيلولة دون تمدده داخل دول مجلس التعاون الخليجي، وقد وافقت الدوحة في مؤتمر القمة العربي الاسلامي الأمريكي الذي عقد مؤخرا بالرياض على التعهد بمكافحة الارهاب ولكنها نقضت هذا التعهد وضربت بمنطوقه عرض الحائط. لقد أنشئت المنظومة الخليجية لمواجهة التهديدات الخارجية ومن بينها التهديدات الارهابية سواء جاءت عبر مختلف تنظيمات ظاهرة الارهاب الشريرة أو جاءت عبر ارهاب الدولة المتمثل في النظام الايراني الدموي، واذا جاء ما يهدد تلك المواجهة من داخل المنظومة فهذا يعني المساس المباشر بالأهداف الخيرة التي قامت المنظومة على أركانها وعلى رأسها مواجهة أي تهديد لاستقرار دولها وأمنها وسيادتها. الدوحة معنية بوقف دعمها لظاهرة الارهاب وعودتها لحظيرتها الخليجية والعربية والاسلامية والدولية وإلا فإنها ستواجه المزيد من العزلة والمزيد من العقوبات والمزيد من استهجان دول العالم لممارسة مراوغاتها المكشوفة والخاطئة، فظاهرة الارهاب الشريرة ممقوتة من سائر المجتمعات البشرية دون استثناء ومكافحتها تحولت الى عمل دولي جماعي لا فردي.