يعتبر الاستحواذ أمرا مريرا يربطه البعض بالطمع والبعض الآخر بأخذ الكل دون الجزء خاصة اذا كان هذا الاستحواذ في الأمور التي تبعد عن الدين الإسلامي، يقول الله عز وجل في سورة المجادلة: «استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله...» الآية. وحين نتأمل أخي القارئ الآية الكريمة فإن أول إجراء اتخذه الشيطان بعد ما تمكن وغلب على الإنسان، واستولى على قلبه «أنساه ذكر الله» فأغلق عنه أبواب الخيرات، وعمل الصالحات، فالشيطان يعلم أثر الذكر عليه «فالخناس» لا يستطيع الوسوسة مع الذكر، وهنا يوضح انه بقدر سيطرة الشيطان على القلب يكون بعده عن الذكر وبقدر سيطرة الذكر على القلب يكون بعد الشيطان عنه. فهنا لا بد للمسلم ان يعي انه مع ذكر الله تطيب الحياة، ويطمئن القلب، وينشرح الصدر، وتثقل موازين الحسنات، «ألا بذكر الله تطمئن القلوب». كما انه بالذكر يبدل الله عز وجل همّ المهموم سرورا، وحزن المحزون فرحا، وخوف الخائف أمنا، بعد ما ملأت الشياطين القلوب هما وغما. قال عليه الصلاة والسلام: «إنه ليغان على قلبي، حتى أستغفر الله في اليوم مئة مرة» وكان عليه الصلاة والسلام «إذا صلى الفجر جلس في مصلاه حتى ترتفع الشمس حسناء» كما وذُكر عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه كان يسبّح في اليوم أكثر من اثنتي عشرة تسبيحة. وهذا شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله كان إذا صلى الفجر جلس يذكر الله حتى ينتصف النهار ويقول: «هذه غدوتي إن لم أتغدها خارت قواي». فهكذا دأب الصالحين، وزاد المتقين، وأنيس المستوحشين مع الذكر فحفظوا الله سبحانه وتعالى فحفظهم في دينهم وديناهم، وهنا أهمس بأذني وأذنك أخي القارىء بان نحفظ وردنا ونحافظ عليه، وان نكثر من ذكر الله، ونحصن أنفسكم، وأولادنا، وأهلينا... وأن نتدبر قول الله تعالى: «والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما» جمعني الله وإياكم في الجنة.