مع كثرة انشغال المسلم بتدبير أمور حياته، أو الالتهاء بأنواع اللهو المختلفة يغيب عن ذهنه إمكانية الحصول على أجور مضاعفة بجهود قليلة لا تستدعي منه مشقة، ولا تحتاج إلى جهد، وهذا ما توفره (شعيرة الذكر)، في هذا الاستطلاع يبين مجموعة من المشايخ والدعاة فضائل الذكر وأجور الذاكرين، وما الذي يجنيه المسلم من ذكر الله ومداومته عليه؟ وكيف تنعكس استدامة الذكر على حياة المسلم وتأثيرها على نفسه وروحه؟ وهل هناك صيغ معينة للذكر أم أن مجاله مفتوح؟ بداية أوضح نائب مدير مركز التميز البحثي الدكتور إبراهيم الميمن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد علمنا كيف ندعوا الله عز وجل بحاجة أو بغير حاجة ونتقرب إليه بذكره وشكره وحسن عبادته، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «تعرَّف إليه في الرخاء يعرفك في الشدة»، وقال: «مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر مثل الحي والميت»، وبين الميمن أن فوائد ذكر الله عديدة من أهمها: أن الذكر يزيل الهم، ويطرد الشيطان، ويرضي الرحمن، وهو كذلك سبب للنجاة من عذاب الله، وسبب لتنزيل السكينة، واستغفار الملائكة، وهو خير ما يشتغل به اللسان بدلاً من النميمة والغيبة والكذب، كما أنه يكسب الإنسان المهابة والحلاوة ونضرة الوجه، وهو نور في الدنيا وفى القبر، ويوم المعاد، والذكر يسهل الصعب، ويخفف المشاق، ويجلب الرزق. وأضاف الميمن أن ذكر الله نعمة كبرى، ومنحة عظمى، به تستجلب النعم، وبمثله تستدفع النقم، وهو قوت القلوب، وقرة العيون، وسرور النفوس، وروح الحياة، وحياة الأرواح. ما أشد حاجة العباد إليه، وما أعظم ضرورتهم إليه، لا يستغني عنه المسلم بحال من الأحوال. طمأنينة القلب وبين الميمن أن في المحافظة على ذكر الله تعالى خيراً كثيراً في الحياة الدنيا وأجراً عظيماً في الآخرة، ولفت الانتباه إلى أن أذكار الصباح والمساء هي من أهم الأذكار التي ينبغي للمسلم أن يحافظ عليها. وذكر جملة من فوائدها في انشراح الصدر، وطمأنينة القلب، ومعية الله تعالى وذكره للعبد في الملأ الأعلى كما قال الله تعالى: (الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يقول الله عز وجل أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه حين يذكرني إن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ هم خير منهم». المثل الأعلى من جهته بين عضو مجمع الفقه الإسلامي الدكتور خالد المصلح أنه إذا اطمأن القلب للحق اتجه نحو المثل الأعلى، وأخذ سبيله إليه دون أن تلفته عنه نوازع الهوى، ولا دوافع الشهوة، ومن ثم عظم أمر الذكر، وجل خطره في حياة الإنسان، ومن غير المعقول أن تتحقق هذه النتائج بمجرد لفظ يلفظه اللسان، فإن حركة اللسان قليلة الجدوى ما لم تكن مواطئة للقلب، وموافقة له، وقد أرشد الله إلى الأدب الذي ينبغي أن يكون عليه المرء أثناء الذكر فقال : «واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال، ولا تكن من الغافلين». وبين المصلح أن المؤمن مأمور بالإكثار من الذكر، والإكثار من الاستغفار، لعل الله جل وعلا يضاعف له المثوبة ويغفر له السيئات، كما أنه يشرع الإكثار من ذلك في أوائل الليل وأوائل النهار لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من قال سبحان الله وبحمده حين يصبح وحين يمسي مائة مرة غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر»، وقال عليه الصلاة والسلام لزبيدة لما رآها في مصلاها صباحاً وعاد إليها في الضحى: «أما زلت في مصلاك؟ قالت: نعم، قال: لقد قلت بعدك كلمات لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن، ثلاث مرات: سبحان الله العظيم وبحمده عدد خلقه، سبحان الله رضا نفسه، سبحان الله زنة عرشه، سبحان الله مداد كلماته». المداومة على الذكر أما الأستاذ خالد العيدروس فقد بين بأن المداومة على الأذكار تساهم في ترسيخ الإيمان في قلب الإنسان، وتفتح قلبه، وتنير وجه، كما أشار إلى أن الأذكار عمومًا سبب في جلب الرزق، وتفتح الأبواب، ومن يداوم عليها تكسوه المهابة والحلاوة والمحبة والسعادة والنجاة في الدارين، ومن يداوم عليها يأمن على نفسه من النفاق إضافة لكون الذاكر لله محبوباً عند الله وعند خلقه. ونبه العيدروس إلى أن حديث «كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان: سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم» لو يتفكر الناس فيه وما يحويه من فضل كبير لتسابقوا دوماً على ترديده، وكما قال الله تعالى: «والذاكرين الله كثيراً والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيم». ودعا العيدروس إلى المواظبة على الأذكار باختلاف مجالاتها وصيغها التي لا تقتصر على نوع أو دعوة محددة.