هناك مبادئ أمريكية ثابتة ترتكز على قاعدة الحفاظ على المصالح وتوسيعها، ولكنها تختلف مع اختلاف الرؤساء الأمريكيين، حيث لمعظمهم منهج يسير وفقه، يطلق عليه مسمى (مبدأ أو عقيدة) (Doctrine) وهو يعني الخطوط العريضة لسياسة الرئيس الخارجية وأهدافها، وأول مرة يستخدم فيها هذا المصطلح كان في عهد الرئيس مونرو، ولسبر أغوار السياسة الأمريكية سأستعرض- هنا- مبادئ بعض الرؤساء مثل (مونرو، ويلسون، ترومان، آيزنهاور، نيكسون، كارتر، ريغان، بوش الابن، أوباما) (مبدأ منرو) يحمل اسم الرئيس الأمريكي الخامس جيمس مونرو، وينص على تطبيق سياسة شبه انعزالية للولايات المتحدة في علاقاتها الخارجية، واستمر هذا المبدأ إلى ما قبل الحرب العالمية الثانية، وهو يؤكد على ضرورة الابتعاد عن الشؤون الأوروبية من أجل منع الأوربيين من التدخل في أمريكا اللاتينية، ولكنه يبدي الرغبة في تدخل الولاياتالمتحدة بدلا عن الأوربيين في شأن أمريكا اللاتينية، وربما نظرت دول أمريكا الجنوبية لهذا المبدأ بمنظار (من استرعى الذئب الغنم فقد ظلم)، ولكن بعد مجيء الرئيس الأمريكي الثاني والثلاثين فرانكلين روزفلت عام 1933 تغير الأمر، لأنه نادى بضرورة دعم (مبدأ مونرو) مع التمسك بسياسة (حسن الجوار) وهذا طمأن دول أمريكا اللاتينية من تدخل (الذئب) في شئونها، أما (مبدأ ويلسون)، فوضعه الرئيس الأمريكي الثامن والعشرين وودر ويلسون، وهو يتضمن الاهتمام بالسلم والأمن في الشرق الأوسط، وينص على علنية الاتفاقيات بدلا عن الممارسات الدبلوماسية التآمرية كالتي كانت تحملها إتفاقية (سايكس بيكو)، كما كان يطالب الحلفاء الأوروبيين بالتخلي عن سياساتها الاستعمارية واحترام حق الشعوب في تقرير مصيرها، ما جعله يصطدم بمعارضتهم، وهذا ما جعل الامر يتحول إلى صيغة (الانتداب الدولي) بواسطة عصبة الأمم مع توكيل بريطانيا وفرنسا بالمهمة بدلا عن العصبة. أما (مبدأ ترومان) الذي أعلنه الرئيس الأمريكي الثالث والثلاثون هاري ترومان الذي أمر بإلقاء القنبلة الذرية على اليابان في الحرب العالمية الثانية، كان يستند إلى مقولته الشهيرة (نخدم أنفسنا بخدمتنا للآخرين)، وكان هدفه الدفاع عن اليونان وتركيا وشرق البحر الأبيض المتوسط ضد الأطماع السوفيتية، أو لنقل اخضاع أوروبا الغربية للسيطرة الأمريكية وربط سياساتها بسياسة واشنطن مع تحصينها من الخطر الشيوعي.