تشهد دول العالم حاليا تحولات كبرى على مستوى المعيشة والدخل وفرص العمل، ولا فرق في ذلك بين دول غنية وأخرى فقيرة أو متدنية، فالأحداث المتسارعة والحروب والصراعات لا يمكنها أن تصيب منطقة بالعسر دون أخرى، فالعالم كله بات أصغر من قرية، وما يحدث في شماله يؤثر في جنوبه، ربما في اللحظة نفسها. لذا فإن من يدعي أن «حساب المواطن» الذي تم إقراره بالمملكة هو بدعة لم تعرفها البلاد، او أنه يهدف للقضاء على رفاهية المواطنين وما اعتادوه من عيش كريم، فإنه لا يرى الصورة بشكلها الواضح، ولا يكترث لما يحيط بالمملكة من تهديدات كبرى. نحن في المملكة كما بدول الخليج ودول العالم القريبة منا، نعاني من التغيرات التي يفرضها الواقع المحيط بنا، فيما نشهد في الداخل إهدارا لمقدرات الدولة، من مياه وكهرباء، وطاقة، ولم تفلح البرامج والحملات الإعلامية في ترشيد هذا الإهدار الذي لم يعد يتناسب وحالة الاقتصاد بعد انخفاض أسعاره، لذا جاء «حساب المواطن» ضمن خطة شاملة لإيقاف هذا الهدر، وتوجيه دعم الدولة لمن يستحقه فقط، ولأن الإنسان عدو ما يجهل فوجئنا باعتراضات كثيرة عبر «تويتر» وغيرها من وسائل التواصل، فضلا عن إشاعات كثيرة أغلبها تروجه حسابات وهمية من خارج المملكة، لضرب العلاقة الجيدة بين المواطن والدولة، بطرق خبيثة لا تهدف للإصلاح قدر ما تريد إشعال النار بين الجميع، لنجني نحن المشاكل بنهاية الأمر فيما يقف هؤلاء ينظرون إلينا بتشف!! لا يعني ذلك بالطبع أن نغض الطرف عن «حساب المواطن» ولا نتحدث عنه، لكن يجب أن يتم ذلك بروية دون اندفاع، وأن نفهم أولا، ولا نصدق كل خبر أو رأي إلا بعد تأكد وبحث، وبهذا نعمل فعلا لصالح بلادنا ونمنع أية محاولة لتعكير العلاقة بين الشعب وولاة أمره، تلك العلاقة التاريخية التي تمتد لأجيال، والتي ساهمت في حماية هذا الوطن من نيران التفرقة والتداعي، وستظل كذلك بإذن الله ما بقيت العقول الناضجة، وبقي حب البلاد في قلوب الجميع. همسة.. حفظ الله بلادنا من كل شر، وأبقاها آمنة سالمة إلى يوم الدين.