كثيرةٌ ومتعددةٌ هي ممارسات العقوق والجحود للأوطان، فلا تقتصر تلك الممارسات على الخيانات العظمى كالتخابر مع الأعداء في أوقات الحروب والأزمات، كما أنها لا تنحصر في الارتماء في أحضان منظِّمي ومنفِّذي عمليات الإرهاب لزعزعة أمن الوطن وترويع الآمنين. فهناك مظاهر عقوق أخرى لا تقل فداحةً عن الخيانة أوارتكاب الأعمال الإرهابية، بل هي خيانةٌ مستترةٌ تحت جلابيب الأعمال الخيرية، ومن ذلك ما طالعتنا به الأنباء عن بعض رجال الأعمال من المواطنين الذين أقاموا مشاريعهم الاستثمارية خارج الوطن، بل إن بعض تلك المشاريع كانت بدوافع ولاءٍ من نوعٍ آخر مضادٍ لولائهم المفترض لوطنهم، ولم يراعِ أولئك ما لوطنهم الذي نشأوا وترعرعوا على ثراه ونمت واتسعت مشاريعهم وتجارتهم من خيراته ومقدَّراته. والبعض الآخر بعدما أثرى من تجارته في وطنه لجأ الى التحايل والتنصُّل من أي إجراءاتٍ تنظيميةٍ محتملةٍ، فعمِد الى تهريب أمواله تحت غطاء التبرعات لمشاريع في ظاهرها أنها خيرية في بلدانٍ أخرى.