يبدو أن آلة التغيير في العادات والتقاليد داخل المجتمع السعودي أخذت قرارها بالعمل دون انقطاع، فلم يقتصر عملها على عادات اللبس والشرب، وإنما شملت أمورا أخرى، لم تكن متوقعة، من بينها «العزاء» ذلك الواجب الاجتماعي، الذي يربط بين الناس بعضهم ببعض في حالات الوفاة، وفقد الأحبة. ورغم أن واجب العزاء، له تقاليده وعاداته المعروفة التي تفرض على المعزين أسلوبا معينا لا يتجاوزونه، احتراما للمتوفى وأهله، إلا أن البعض بدأ يتخلص مع هذه العادات شيئا فشيئا، ليكون مكان العزاء أشبه بملتقى اجتماعي أو مقهى او استعراض، وأصبحت تستمع الى كل انواع الاحاديث وفي شتى الموضوعات.. بلا استثناء. وظهرت مؤخرا عادات غريبة، بدأت تتسرب إلى المجتمع، أخطرها من وجهة نظري تلك الموجودة في أماكن العزاء، حيث إن العزاء في الشريعة الإسلامية 3 أيام فقط، ورغم ذلك، نجد أنه في هذه الأيام يستمر نحو 7 أيام متواصلة، وكأن أصحاب العزاء يتباهون أنهم قادرون ماديا على إقامة العزاء بأيامه السبعة، وأن من يقيمه 3 أيام فقط، هم غير القادرين، وهذا أمر يقلق حقا، ويجب محاربته وتوعية الناس بشأنه. وبما أني خبيرة في مجال التجميل والمكياج لاحظت أن المشاغل النسائية تستثمر العزاء، وسارعت في ابتكار مكياج خاص، أطلقت عليه «مكياج العزاء»، وأصبحت السيدات، يقبلن عن هذا المكياج. وداخل أروقة العزاء شاهدت مواقف غريبة من المعزيات، اللائي يتنافسن في عرض فساتينهن واكسسواراتهن، وتتحدث كل واحدة فيهن عن رحالاتها الخارجية، ومشترياتها من محال لندن وباريس، والخصومات التي حصلت عليها نظير أنها زبونة دائمة لدى هذه المحال. وسابقا كان أصحاب العزاء يطبعون كتيبات تذكر الناس بالموت، وتدعو إلى الدعاء للميت، وكانوا يوزعونها على المعزين، أما اليوم، فيتم توزيع التمر والقهوة عليهم، في ظاهرة عجيبة انتشرت هذه الأيام.