لقطات شجية تتهادى حولها أنشودة عذبة تنساب إلى الروح: «الحسن يا صبيا هنا يختال»، نعم، لقد رأيت اختيال الحسن في قاعة مغلقة، تكتظ بالنخيل الباسقات وطلعها النضيد، من رجالات التعليم في صبيا ومِن خلفهم في قاعة أخرى نساؤها الفاضلات، لم تكن الأنوار المزركشة وحدها التي تضيء المكان أو تجمله، وإنما الذي ملأ الأعين والأفئدة بأضواء السعادة هم أولئك الأقمار المصطفون اصطفاف أشجار الزيتون المباركة، في حدائق ذات بهجة، يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار، نور على نور. كان احتفاء (أوفياء 3) يستثير الأسئلة في نفسي وأنا إلى جوار مدير تعليم صبيا، فانهمرتُ بها وهو يجيب بثقة، ومن حوله سواعده القوية الأمينة، تهتز بتأكيد ما يقول، والفخر بما وصلت إليه إدارتهم من جودة في العمل بلغت بها الترتيب الرابع بين جميع إدارات التعليم في المملكة، وإنجاز استكمال بناء جميع المدارس الحكومية التابعة لها في مدينة صبيا، فلم يعد فيها مدرسة مستأجرة، والعمل على بقية المحافظات والقرى التابعة لها، واهتمامها الكبير بالنشاط الطلابي خارج دوائر الصف الدراسي، الذي من خلاله استطاعوا أن يستكشفوا جواهر المواهب والطاقات في البنين والبنات، وأن يحققوا حضورا رائعا في صبيا كلها وما يتبعها. وبيت القصيد هو: من الذي كُرم في هذا الحفل؟ هل هم الوكلاء المساعدون، ومدراء الإدارات، ورؤساء الأقسام كعادة أكثر الحفلات الرسمية؟ لا، بل كان المكرمون هم كل موظفي الإدارة بلا استثناء، نعم جميعهم، فالنداء الجميل من المذيع لم يكن لأسماء مفردة اعتادت أن تقطف ثمرات جهود من تقودهم، لا، بل النداء موجه للإدارة كلها، والقسم كله، يحضرون جميعا على المنصة، ليستلموا شهاداتهم، ويستلم القائد الدرع. كنت إلى جوار الدكتور عسيري مدير التعليم وهو يلهج بالشكر والتقدير لزملائه، وهم يتوهجون فرحا واغتباطا، لا فرق - هنا - بين مسؤول ومراسل، بين مهندس التقنيات ومن يقدم له الشاي على مكتبه، وإذا كنت أغبط سعادة المدير على محبة زملائه له، وثنائهم عليه، فإني أغبطه غبطة خاصة على كلمة باح بها أحد المكرمين الذين ليس من عادة الجهات أن تكرمهم: حين التفت إليه والفرحة محتقنة فوق خديه وبين عينيه وقال: «أسعدك الله كما أسعدتنا». والمدير لا يزيد على أن يدعو للقافلة التعليمية التي تتجدد كوادرها على المنصة، ويشكر، ويذكر أبرز إنجاز فريق العمل الذي يكرم بطريقة لطيفة عفوية. ومن لقطات الحفل الجميلة، حين اقترب فريق أحد الأقسام المتميزة، فإذا برئيس القسم يرفع صوته بأن ما حدث من منجزات لم يكن من جهده وحده، وإنما هو جهد الفريق كله، وهو واحد منه، مؤكدا فكرة الحفل كله، التي تقول لنا: كفاكم إجحافا بمن يقبع خلف الكواليس بينما من يظهر على المسرح هو الذي يحصد الشكر والتقدير والنجومية. التفتوا إلى كل إنسان في هذه الدائرة والمؤسسة والشركة والجمعية، فلولا جهوده وأمثاله المغمورون، لبقيت فجوات لا يتحقق بتركها نجاح لمنظمتكم الإدارية. (شكرا) مهمة ولو كانت مجرد تلفظ بأحرفها، أو (شهادة) لا تكلف ريالا واحدا، قلها أيها القائد المدرسي للمعلمين والمعلمات والمستخدمين والمستخدمات، قلها أيها الإداري لموظفيك جميعا بلا استثناء، حتى لا ينضب الرواء في أغصان بستانك، ولا يجف النسغ في عروق أشجاره. خصوا موظفيكم برحلات ترفيهية، وأولادهم ببرامج تطويرية، وتبنوا طموحاتهم ورغائبهم السامية. (شكرا) يا صبيا.. فقد تعلمت كثيرا منك، كيف يمكن أن أحترف التحفيز ما لم أتعلمه في الكتب والدورات التدريبية؟.