أصبح مفهوم المواطنة واحدا من أكثر المفاهيم انتشارا فى السنوات الأخيرة، ويكاد يتكرر ويتردد هذا المفهوم بشكل يومي فى كثير من الاحاديث والكتابات والمؤتمرات والندوات والدراسات الاكاديمية والمنتديات واللقاءات الثقافية، وهذا ما دفعني الى كتابة تلك المقالة التي تناقش علاقة المواطنة بأمن المعلومات، ومنها إلى السياق العام لحماية الوطن ودعم الانتماء عبر هذا المنظور، الأمر الذي أضحى بمثابة قضية تثير الجدل فى كثير من البلدان من منطلق الحفاظ على الكيان والوحدة الوطنية ودعم الانتماء الوطني وحماية الوطن من الافكار المتطرفة، باعتبار هذا كلا معقدا متشابكا لا يمكن تجزئته او حتى اقصاء بعد من ابعاده، فكل هذه الأبعاد مترابطة ومتداخلة مع غيرها ليصبح الهدف النهائي هو الحفاظ على الوطن وحمايته. وعندما نتمحص مفهوم المواطنة، نجد أنه فى أبسط معانيه هو الارتباط بالارض والولاء للوطن، وعلى هذا لا يمكن ان تقام العلاقة الارتباطية بين المواطن والوطن فى ظل مفهوم المواطنة إلا إذا كان هناك مواطن ودولة، حيث مواطن يشعر بالانتماء إلى وطنه ومن ثم هو ملتزم وفاعل، ودولة تحتضن هذا المواطن وقادرة على الوفاء باستحقاقات المواطنة، كما يجب أن نحدد السياج الموضوعي للمواطنة القائم على الحقوق والواجبات، وهنا تظهر العلاقة الوطنية في إطار مسئوليات وواجبات يجب أن يلتزم بها المواطن ويؤديها من أجل وطنه، ومسئولية الدولة نحو أبنائها المواطنين، ولهذا تنهض المواطنة على قيم أصيلة ترسخ العلاقة الوطنية، فلا تقتصر المواطنة على العطاء والمنح من قبل الدولة فقط، بل يجب أن يمنح المواطنون وطنهم عطاءات وطنية تؤكد انتماءاتهم وحبهم لوطنهم من خلال ما يبذلونه من جهد وعمل وولاء لوطنهم، والعمل على حمايته وتحقيق الامن والاستقرار لكافة ابناء الوطن الواحد، وهذا ما يرتبط بقضية امن المعلومات فهى ليست تكنولوجيا بقدر ما هى ثقافة، نعم ثقافة يجب تنميتها وتدعيمها، وهذه الثقافة هى بمثابة سلوك وقناعات يجب العمل بها، بحيث يتسق معها وعي يتناسب مع طموحات الوطن وتحدياته، وترسيخ تلك الثقافة يسهم فى بناء الثقة المتبادلة والولاء القوي بين المواطن والوطن، حيث إدراك وفهم كيفية التعامل مع المعلومات وحماية كل ما يمس أمن الوطن والدفاع عنه.