سباق محموم بين مشاعر المتعة ومشاعر الألم يعتمل في نفسك وأنت تقرأ نصوص الشعراء وتتنقل بين صفحات كتاب (أعمدة النيران الخضراء)، الذي تحدثت عنه في مقالة الأسبوع الماضي. متعة قراءة نصوص جميلة وطازجة لشعراء لم تسمع بهم من قبل وتقرأ لهم لأول مرة، وألم أن يكون الجامع بين هؤلاء الشعراء جميعًا، فيما عدا أنهم يكتبون الشعر، هو أنهم قتلوا او اغتيلوا أو غيبوا أو مسحوا من كتاب الحياة كأن لم يكونوا. وما كان من ذنب لهم سوى أنهم تجرأوا وصرحوا بحلمهم بالحرية التي دفعوا حياتهم ثمنًا لها. معظم هؤلاء الشعراء تخلص أهلهم من كل ما كتبوه وما أودعوه أدراجهم على أمل أن ينشروه يومًا ما في كتاب خوفًا من السلطات الغاشمة ، حتى أن هناك ثلاثة شعراء من بين الأربعة عشر شاعرًا لم يعثر محرر الكتاب على نصوص لهم. الأمر الأكثر إثارة للألم هو أن هؤلاء الشعراء انتزعت منهم حياتهم وهو في أوج عطائهم وشبابهم، وبوسع القارئ إدراك ذلك بوضوح من تواريخ ميلادهم ووفاتهم التي تتبع اسم كل واحد منهم، تحت صورهم مباشرة، ولكي لا يقتل هؤلاء الشعراء مرتين، أستميح القارئ العذر في إيراد أسمائهم متبوعة بتواريخ ميلادهم ووفاتهم فيما يلي: خالد الأمين (1945-1972)، مهدي طه (1953-1975)، عبدالجبار عيسى (1950-1976)، رياض البكري (1950-1978)، عبدالحسن الشذر (1952-1980)، غازي الفهد (1953-1982)، أحمد عباس المياح (1953-1983)، خليل المعاضيدي (1947-1984)، مناضل نعمة (1960-1984)، حسن مطلك (1961-1990)، رياض إبراهيم (1952- 1997)، قيس حيدر (1952-1976)، عبدالجليل الزبيدي (1946-1983)، جواد الربيعي (1955-1983). أرى أن الغلبة في هذه المقالة كانت للألم، وإن لم تخل قراءتي لقصائد الشعراء من المتعة بالطبع كما أشرت، وهي متعة تتفاوت في درجتها من شاعر إلى آخر بطبيعة الحال، ولعل لي عودة إلى ذلك في مقالة قادمة.