* رحل قبل فترة وجيزة عالم التراث العربي والإسلامي المعروف (صلاح الدين المنجِّد) عن عمر يناهز التسعين عامًا، وحاولت رصد صدى رحيله في صحافتنا المحلّية منها والدولية فوجدته لا يتكافأ مع قامة شامخة كقامة (المنجِّد) ولكنه قدر المفكِّر والأديب والمؤرّخ في عالمنا العربي بأن يظل مجهولاً عند الأجيال المعاصرة؛ بينما تحتفل الصحافة العربية وفي كثير من الصخب والجلبة بنجوم الفن والغناء الهزيل وضروب الرياضة التي أضحت مدعاة لزرع الفتن بين الشعوب، والأمثلة عديدة في هذا الشأن. * ولقد حمدت لمعالي المفكّر السيد أحمد زكي يماني رئيس ومؤسّس مؤسّسة الفرقان للتراث الإسلامي القيام بنعي الشيخ المنجِّد في عدد من الصحف المحلية والدولية، وسبق للمؤسّسة أن أصدرت في لندن 1423ه/2002م كتابًا هامًا جمع مقالات ودراسة مهداة إلى الدكتور صلاح الدين المنجِّد، وسوف نعود إلى هذا السفر لاحقًا، كما نعاه راعي الإثنينية الشيخ الأديب عبدالمقصود خوجة، إضافة إلى مقالتين هامتين نشرتهما صحيفة الحياة الدولية إحداهما بعد وفاته مباشرة بعنوان (رحيل العلامة الموسوعي صلاح الدين المنجِّد عن 90 عامًا) الحياة، الخميس 6 صفر 1431ه، الموافق 21 يناير 2010م، العدد: 17093، والثانية كتبها الباحث رضوان السيِّد بعنوان (صلاح الدين المنجِّد.. والتراث العربي المخطوط) الحياة، 15 صفر 1431ه الموافق 30 يناير، 2010م، العدد: 17102. * بداية يفترض أن نلمّ بشيء عن أهم الدراسات التي اهتمت بدراسة تطوّر الكتابة التاريخية عند المسلمين، وفي مقدمة هذه الدراسات يأتي كتاب المستشرق الألماني فرانز روزنتال (Franz Rosental) المولود في برلين عام 1914م الموسوم “علم التاريخ عند المسلمين”، وقد ترجمه إلى العربية العلامة الدكتور صالح أحمد العلي، بغداد، سنة 1963م. * كما أن ل(روزنتال) كتابا آخر مهما أسماه “مناهج العلماء المسلمين في البحث العلمي”، ولقد ترجمه إلى العربية الدكتور أنيس فريحة، وراجعه الدكتور وليد ناصر عرفات، وصدر في ترجمته العربية عن الدار العربية للكتاب. ومن الدراسات التي اهتمت بعلم التاريخ عند العرب، ما كتبه المستشرق الألماني فرناند فستفلد (Ferdninad Wuestenfeld) 1808-1899م، في بحوث عدة من أهمها بحثه عن الكتابة التاريخية عند المسلمين سنة 1882م. * وما كتبه كذلك الباحث العربي المعروف عبدالعزيز الدُّوري في كتابه الموسوم “بحث في نشأة علم التاريخ عند المسلمين” وصدر عن دار المشرق – بيروت 1983م، ودراسة شاكر مصطفى “التاريخ العربي والمؤرخون.. دراسة في تطور علم التاريخ ومعرفة رجاله”، دار العلم للملايين – بيروت، ط 1978م. ** وموسوعة “العرب في أحقاب التاريخ” للباحث والعلامة السعودي السيد أمين مدني، وللمستشرق البريطاني السير هاملتون جب (Hamilton Elexander Gibb) 1895 - 1971م، مقالة هامة بعنوان “تفسير للتاريخ الإسلامي” ظهرت سنة 1953م حيث نشرت في “حولية تاريخ العالم” (Journal of World History). [انظر: موسوعة المستشرقين، للدكتور عبدالرحمن بدوي، بيروت ط1 1984، ص105-107.]. ** يذكر الباحث عبدالكريم اليافي أنّ أعمال الدكتور صلاح الدين المنجِّد في مجال التراث والثقافة واسعة جدًّا تكاد تنيف على مئة وخمسين عملاً من أهمها تحقيقه للقسم الأول من تاريخ ابن عساكر الموسوم “تاريخ دمشق وذكر فضلها”، وهو مخطوطة تبلغ نسخه ثمانين مجلدة، وكان ذلك بإيعاز من رئيس المجمع العلمي العربي ومؤسّسه الأستاذ المحقّق محمد كرد علي. ** كما اهتم “المنجِّد” بتقصّي الحوادث الكبرى في عصر بني أمية، وأعلام التاريخ والجغرافيا عند العرب، ومأساة سقوط دمشق ونهاية الأمويين، كما اهتم بعلم الخط العربي منذ نشأته إلى آخر العصر الأموي. أما في مجال المخطوطات العربية، فيذكر له الباحثون كتابة الهام “قواعد تحقيق المخطوطات العربية”، وفهرس المخطوطات في مكتبة الأمبروزيانا، وفهرس المخطوطات العربية في مكتبة الكونغرس، وقواعد فهرسة المخطوطات العربية، وقواعد ضبط النصوص عند الأقدمين، والمخطوطات العربية في فلسطين. [انظر: مقالات ودراسات مهداة إلى الدكتور صلاح الدين المنجِّد، مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي لندن، 1423ه - 2002م ص1-21]. ** منذ مدّة تيسر لكاتب هذه السطور قراءة واحد من أهم كتب الدكتور المنجِّد -رحمه الله- وهو “المنتقي من دراسات المستشرقين”، بيروت، 1396/1976م، ومن مباحث هذا الكتاب ما دوّنه المستشرق الألماني بروكلمان (Brockelman) عن “ما صنّفه علماء العرب في أحوال أنفسهم”، وقد كتب بروكلمان هذه الدراسة خصيصًا لكتاب “المُنتقى”، والذي يضم أيضًا مباحث هامة مثل: نظرات في علاقة الفقه الإسلامي بالقانون الروماني، للمستشرق الإيطالي كارول الفونسو نالينو، وقد ختمت هذه الدراسة بقائمة عن آثار الأستاذ نالينو. ومن أهم هذه الآثار كتابه عن “تاريخ آداب اللغة العربية”، وهو عبارة عن مجموعة محاضرات ألقاها بالعربية في جامعة القاهرة، وطبعت في القاهرة سنة 1955م، وقد تأثّر بمنهج “نالينو” كثير من الدارسين العرب وفي مقدّمتهم الدكتور طه حسين، وجرجي زيدان. ** كما يضم الكتاب قائمة بمؤلفات الأستاذ بروكلمان والتي تبلغ حوالى (122) مؤلفًا. ** ومما ضمّه هذا السِّفر الهام مقال للمستشرق البريطاني السير هاملتون جب (Hamilton Elexander Gibb) بعنوان خواطر في الأدب العربي، مع قائمة بأهم آثار هذا المستشرق الإنجليزي. ** ومقال آخر للمستشرق الإيطالي الأستاذ غابر ييلي (Gabrieli)، مع قائمة بأهم آثاره العلمية، وكذلك مقال عن أصول الجمال في الفن الإسلامي للمستشرق غاستون فيتيه (G.wiet)، وقائمة بأهم آثار (فييت) العلمية. ** بموت العالم والباحث والمحقّق صلاح الدين المنجِّد تُطوي صفحة من صفحات ذلك الجيل من أبناء العروبة والإسلام الذين نذروا أنفسهم لخدمة التراث العربي والإسلامي تأليفًا وتحقيقًا، يعجز عن اللحاق بركبه الجيل المعاصر؛ ومن أولئك الأعلام: أحمد ومحمود شاكر، وعبدالسلام هارون، ومحمّد محيي الدين عبدالحميد، ولطفي عبدالبديع، وأمين الخولي، ومحمّد بهجة البيطار، وعبدالنعيم محمّد حسين، ومحمود الطناحي، وعبدالوهّاب المسيري، وحمد الجاسر، وأحمد عبدالغفور عطّار، وعبدالرحمن بدوي، وأغناطيوس كراتشكوفسكي، وعبداللّه كنون، ومحمّد العروس المطوي، وشوقي ضيف، ووليد عرفات، وعبداللطيف الطِّيباوي، وشاكر الفحَّام، وإحسان عبّاس، ومحمّد يوسف نجم، وعبدالحليم النجّار، وفؤاد السيّد ومحمود فهمي حجازي، وفهمي أبوالفضل وسواهم. ** وأهم ما يميّز ذلك الجيل؛ ومنهم الراحل المنجِّد، تلك الثقافة الموسوعية الشاملة والتي طبعت شخصياتهم العلمية طلبًا للدرس، وبحثًا عن مظان المعرفة، وأصالة في الكتابة والتأليف، ويصحب ذلك كله تواضع جم، وأدب بالغ، وتعالٍ عن سفاسف الأمور، وهذه السمات هي التي جعلت الأجيال اللاحقة تنجذب لتلك الصفوة التي تساقط الكثير منها في ميدان العلم والمعرفة، وهو الجهاد الحقيقي الذي حثّت عليهم تعاليم ديننا الحنيف. آثار الدكتور صلاح الدين المنجِّد: أ- المخطوطات المنشورة 1- دور القرآن بدمشق، لعبدالقادر النعيمي (927ه) مقدمة في مدارس دمشق وتطور الحركة العلمية فيها- خمسة ملاحق-104ص- مطبعة الترقي بدمشق 1946. 2- كتاب اللغات في القرآن، رواية ابن حسنون (386ه) 100ص، مطبعة الرسالة، القاهرة 1946. 3- رسالة الألفاظ المهموزة، لابن جني (312ه) 16ص، مطبعة الترقي بدمشق، 1947 4- رسل الملوك ومن يصلح للرسالة والسفارة لابن الفرّاء، 200ص، مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر، القاهرة 1947. 5- مختصر تنبيه الطالب وإرشاد الدارس، اختصار العلموي(982ه) 400ص، مطبعة الترقي بدمشق 1947 مطبوعات مديرية الآثار العامة بسورية. 6- حماية دمشق لابن عساكر وابن طولون 26ص، المطبعة الكاثوليكية، بيروت 1947. 7- تاريخ مسجد دمشق، لمؤلف لعله البرزالي، ذكر ما استقر عليه الجامع الأموي عام 730ه 32ص، مطبعة الترقي بدمشق، 1948. 8- كتاب وقف القاضي عثمان بن المنجا الحنبلي (641ه)، 48ص، المطبعة الكاثوليكية بيروت 1949 مطبوعات المعهد الفرنسي بدمشق. 9- ولاة دمشق في العهد العثماني، 136ص، قطع كبير، المطبعة الهاشمية بدمشق 1949. 10- ولاة دمشق في العهد السلجوقي لابن عساكر (571ه)، 32ص، مطبعة الترقي، دمشق 1950. 11- فضائل الشام ودمشق للربعي (444ه)، 182ص. مطبعة الترقي بدمشق، 1950 مطبوعات المجمع العلمي العربي بدمشق. 12- التمهيد فيما يجب فيه التحديد لتقي الدين السبكي 40ص، مطبعة الترقي، دمشق 1951. 13- تاريخ مدينة دمش لابن عساكر، المجلد الأول 960ص، قطع كبير مطبعة الترقي بدمشق 1951 مطبوعات المجمع العلمي العربي بدمشق. 14- أرجوزة في محاسن دمشق، لابن خدا وردى، 16 ص، (في مجلة المجمع العلمي نيسان 1952) 15- كتاب وقف أسعد باشا العظم، 28ص، قطع متوسط، مطبعة الترقي بدمشق 1953. 16- أسماء مؤلفات ابن تيمية، 28ص، قطع متوسط، مطبة الترقي، دمشق 1953. 17- تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر، القسم الأول المجلد الثانية 350ص+ مخططان لدمشق القديمة مطبوعات المجمع العلمي العربي.