عمق إستراتيجي وتاريخي وحضارة وحسن جوار وجغرافيا متشابهة وأخوة متأصلة وموروث متقارب ولغة واحدة تتميز بها العلاقات بين الشقيقتين المملكة العربية السعودية والمملكة الأردنية الهاشمية، تضاف إليها المصالح المشتركة والمتبادلة والمتوافقة إلى حد بعيد، والمتسمة بالخصوصية عن غيرها من العلاقات حيث يجمعهما الدين والعروبة، وكل هذه العلاقات تتبلور في قوة التواصل والتعاون والتنسيق الدائم بين حكومة المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود والحكومة الأردنية بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين لما فيه مصلحة شعبيهما وأمنهما واستقرارهما، ومناصرتهما للقضايا الإسلامية والعربية. وتتماثل المملكتان قديما وحديثا في المواقف السياسية الدولية والإقليمية، بتوافق الرؤى والمنطلقات على مستوى قيادتيهما العليين إزاء مجمل القضايا والأحداث الدولية التي تخص منطقة الشرق الأوسط أو القضايا الدولية الأخرى، في جو من التفاهم العميق والتشاور المتبادل الذي يتشكل في الزيارات التاريخية المتتالية فيما بين ملوك الدولتين في احترام متبادل. ففي عام 1933م، تباعث الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود والأمير عبدالله بن الحسين- رحمهما الله- برقيتين أعربا فيهما عن رغبتهما في تحسين وتطوير العلاقات بين البلدين، وعلى إثر الاعتراف المتبادل بينهما شرعت الحكومتان في إجراء المباحثات التي نتج عنها عقد معاهدة تعزيز صداقةٍ وحسن جوارٍ وتنظيم للحدود. وبعد عقد المعاهدة بين البلدين آنذاك جرى تعميق العلاقات بينهما بزيارة جلالة الملك سعود بن عبدالعزيز عندما كان وليا للعهد إلى شرقي الأردن عام 1935م، زار خلالها مختلف مناطقها، فيما أدّت الدبلوماسية السعودية والأردنية بقيادة الملك عبدالعزيز والأمير عبدالله دورا كبيرا في فك الإضراب الفلسطيني في ثلاثينيات القرن، كما تشاركا في توقيع تأسيس الجامعة العربية، وكانتا من الدول السبع التي وقعت على بروتوكول الإسكندرية. علاقات تاريخية وفي لمحة تاريخية للعلاقات الودية بين البلدين عندما نالت شرقا الأردن استقلالها في 25 آيار 1946م بعث الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود رحمه الله- وقتها برقية تهنئة إلى الملك عبدالله الأول بن الحسين، وفي تموز عام 1948م زار الملك عبدالله الأول الرياض حيث لقيت زيارته حفاوة كبيرة من الملك عبدالعزيز- رحمه الله-، دارت خلالها الأحاديث والآراء حول قضايا المنطقة والصراع الفلسطيني ومستقبل البلدين وتوثيق العلاقات بينهما، وتبادل الطرفان خلالها التمثيل الدبلوماسي. وتوالت الزيارات بين ملوك المملكتين حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود- حفظه الله- الذي تسلم- رعاه الله- بعد توليه مقاليد الحكم برقية تهنئة من أخيه جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين تضمنت التأكيد لحرص جلالته على استمرار التنسيق والتشاور حول مختلف القضايا التي تهم الأمة والشعبين الشقيقين بما يسهم في تفعيل التعاون العربي المشترك وتعزيز القدرة على مواجهة مختلف التحديات التي تمر بها الأمتان الإسلامية والعربية وحماية مصالحهما وخدمة قضاياهما العادلة. وخلال الزيارة التي قام بها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع للمملكة الأردنية الهاشمية، في 19/10/1436ه والتقى خلالها الملك عبدالله الثاني وعدداً من المسؤولين في الأردن، وعقدا مباحثات ثنائية وموسعة، أكدا أهمية التقدم في العملية السلمية على أساس المبادرة العربية للسلام وقرارات الشرعية الدولية لتحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني في حصوله على حقوقه المشروعة في إقامة دولته المستقلة ذات السيادة الكاملة. وقد شهد البلدان بتاريخ 20 رجب 1437 التوقيع على محضر إنشاء مجلس «التنسيق السعودي الأردني»، بهدف تنمية وتعميق العلاقات الاستراتيجية بينهما في المجالات المشار إليها في البيان المشترك، كما يهدف إلى التشاور والتنسيق السياسي في القضايا الثنائية والإقليمية والدولية، وإلى تعزيز التعاون القائم بين البلدين في مختلف المجالات بما يحقق تطلعات القيادتين والشعبين الشقيقين. مواقف متطابقة وتتطابق مواقف القيادتين السياسية تجاه ما يجري في كل من سوريا منذ اندلاع الثورة السورية، وجهود التحالف العربي في الحرب على الإرهاب واستعادة الشرعية في اليمن الشقيق، وكذلك تنسيق جهود المملكتين مع الجهود الدولية في محاربة التنظيمات الإرهابية ودحرها في سوريا والعراق، وأيضا وقوف البلدين ضد ما يهدد أمنهما واستقرارهما، تجاه التهديدات الإقليمية في المنطقة. وتتفرع العلاقات بين المملكة والأردن إلى تنمية الجانب التعليمي والثقافي عبر المشاركة في المؤتمرات الدولية، وإقامة المعارض، والمشاركة في الجلسات النقاشية وورش العمل لتأكيد الإبداع والابتكار في التعليم، والتماسك الاجتماعي والبيئي والتقني في البلدين وفي مجال التدريب التقني والمهني، بالإضافة إلى المشاركات في المهرجانات الثقافية لتوثيق الروابط والصلات الثقافية والحضارية. كما تشمل علاقات المملكة والأردن التعاون في مجال السياحة، حيث تم توقيع البرنامج التنفيذي للتعاون في مجال السياحية والآثار، الذي يجسد جانبا مهما من التعاون والتكامل، ويضيف دعما مهما لقطاعي السياحة والآثار في البلدين، ويعزز تبادل الخبرات والتجارب والاهتمام والتطوير السياحي، وتقديم التسهيلات اللازمة للسياح وتشجيع وكلاء السياحة والسفر على تنظيم رحلات سياحية بين البلدين والاستفادة من التراث الحضاري والثقافي والتاريخي من أجل جذب سياحي، وتشجيع السياحة الطبية والعلاجية. وأما التعاون في مجال المساعدات الإنسانية بين المملكة والأردن في دعم القضية السورية ونصرة الأشقاء السوريين، واللاجئين الفلسطينيين في الأردن، فتقف المملكة مع الأردن في دعم اللاجئين ومساعدتها في توفير العناية بهم، حيث خصص مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية للأردن 306 أطنان من التمور وزعت على السوريين اللاجئين داخل مخيمي الزعتري والأزرق، ليستفيد منها حوالي 100 ألف لاجئ سوري، كما سلّم فريق المركز هدية حكومة المملكة العربية السعودية للمملكة الأردنية الهاشمية المتضمنة 200 طن من التمور، وتعمل على تغطية جميع احتياجات الطلاب السوريين في الأردن المسجلين لدى منظمة اليونيسيف، والبالغ عددهم 150.000 طالب في الأردن. اتفاقيات تنمية وقد وقع الصندوق السعودي للتنمية عام 2015 خمس اتفاقيات لتنفيذ مشروعات تنموية في الأردن بمبلغ إجمالي قدره (176) مليون دولار أمريكي، أي ما يعادل (660) مليون ريال، وبموجب الاتفاقيات مول الصندوق مشروع مستشفى الأميرة بسمة بمبلغ (70) مليون دولار، ومشروع مركز العلاج بالأشعة بمبلغ (12) مليون دولار، ومشروع إعادة تأهيل وصيانة مدينة الحسين الطبية بمبلغ (36) مليون دولار، ومشروع إنشاء مختبرات الرقابة الغذائية بمبلغ (6) ملايين دولار، ومشروع توسعة مركز الحسين للسرطان بمبلغ (52) مليون دولار. وتمثل هذه المشروعات جزءا من مشروعات منحة المملكة العربية السعودية للمملكة الأردنية الهاشمية، حيث سبق توقيع عشر اتفاقيات في قطاعات التعليم، والصحة، والطرق، وسكة الحديد، وشبكات المياه، والصرف الصحي، والبنية التحتية في المناطق الاقتصادية التنموية، بمبلغ إجمالي قدره (898.40) مليون دولار أمريكي. وتتمحور كل الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بين المملكة والأردن في جميع المجالات لتمثل ترجمة ورغبة كلا الجانبين في توثيق أواصر التعاون بينهما، انطلاقا من روابط وعلاقات التعاون التي ربطت الشعبين الشقيقين على مر السنين لتحقيق تعاون إداري متميز. وتزخر المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود- حفظه الله- وشقيقتها المملكة الأردنية الهاشمية بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين بعدد من التجارب الإدارية الناجحة، والكفاءات المتميزة التي تسهم في تبادل الخبرات والتجارب بما يعود بالنفع على البلدين، من خلال تطوير العمل الإداري وتحقيق تنمية إدارية ناجحة تقودها كفاءات مؤهلة ومميزة وبمشاركة واسعة من الجميع تهدف في نهاية المطاف إلى تجسير تعاون مثمر لمواطني البلدين. خادم الحرمين يستقبل ملك الأردن خلال زيارة سابقة الي الرياض مجلس تنسيق وتعاون في كافة المجالات صدر بيان مشترك للبلدين في قصر اليمامة بالرياض يوم 18 / 1 / 1438ه بشأن مجلس التنسيق السعودي الأردني، حينما استقبل سمو ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، دولة رئيس الوزراء وزير الدفاع الأردني، وعقدا الاجتماع الأول للمجلس التنسيق السعودي الأردني، حيث وقع الجانبان حينه (مذكرة تفاهم بين صندوق الاستثمارات العامة وسلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة لإقامة مشروع استثماري تنموي في العقبة، واتفاقية لتجنب الازدواج الضريبي ومنع التهرب الضريبي في شأن الضرائب على الدخل بين البلدين، ومذكرة التفاهم للتعاون الصناعي، والبرنامج التنفيذي للتعاون بين هيئة الإذاعة والتلفزيون في المملكة العربية السعودية ومؤسسة الإذاعة والتلفزيون في المملكة الأردنية الهاشمية، والإحاطة بقرار صندوق الاستثمارات العامة في المملكة العربية السعودية الصادر وفقاً لمذكرة التفاهم في مجال تشجيع الاستثمار التي جرى توقيعها في عمّان يوم الخميس 22 / 11 / 1437ه الموافق 25 / 8 / 2016م، والقاضية بتأسيس شركة للاستثمار في المشروعات الاقتصادية في المملكة الأردنية الهاشمية، وتسجيلها وفقاً لقانون الاستثمار الأردني، بمشاركة البنوك والمؤسسات المالية الأردنية،. واتفق الجانبان على استكمال كافة الإجراءات الخاصة بتسجيل الشركة الاستثمارية بأسرع وقت ممكن، وعلى استمرار أعمال اللجنة التحضيرية لمجلس التنسيق السعودي الأردني واستكمال مشروعات الاتفاقيات الأخرى التي يجري العمل عليه، وتحديداً في مجال الربط الكهربائي، والطاقة النووية، ومجال التعدين، وتشجيع الاستثمار، والتعاون العسكري، بما في ذلك مجال الصناعات العسكرية، تمهيداً لعرضها على المجلس لاتخاذ الإجراءات اللازمة لتوقيع ما يتم التوصل إليه، وتأكيد الجانبين على أهمية استمرار التعاون بين البلدين الشقيقين فيما يحقق ترسيخ العلاقات بينهما). وتعد الزيارات واللقاءات بين البلدين على مستوى قيادتيهما وعلى مستوى السفراء والممثلين قائمة ومستمرة لما فيه خير ومصلحة شعبي المملكة والأردن، ولما تحمله من معنى المحبة وتقوية الأواصر، وتوحيد الرؤى والاتجاهات السياسية والتعاون الاجتماعي والاقتصادي وتطوير مجالات التعاون كافة.