في عالمنا المعاصر الذي يشهد تطورًا تقنيًا في وسائل الاتصال أصبحت الشائعة أكثر رواجًا وأبلغ تأثيرًا. شائعات وأراجيف، أسلحة دمار شامل هدفها تدمير الإنسان والمجتمعات، بغض النظر عمن يكون ذلك الإنسان، مسؤولا في الدولة أو في غيرها من المؤسسات، أو من أهل العلم، ألم يخافوا عذاب الله. أراجيف تروج بأساليب الأفاعي، ويتناقلها البسطاء في المجتمع وهم لا يعلمون مقدار الضرر الذي ستسببه من إساءة وتشويه سمعة. مجرد شائعة نعم ولكن «الرصاصة التي لا تصيب تدوش» بعضهم يطلقونها للفكاهة بدون تقدير للعواقب، فيصدقها البسطاء ويرددونها، ويستفيد منها الأذكياء لأغراض شخصية، لتحقيق مآرب وغايات خبيثة. لم يسلم من أذى هذه الشائعات أحدٌ، فكم هدّمت مجتمعات وشتتت عائلات، وأورثت حسرة، وفرقت أحبة وأصدقاء. وسواء كانت للفكاهة أو كانت لإشعال نار الفتنة والإفساد في الأرض فهي لم تخرج عن كونها جريمة في حق الإنسانية، وضد أمن المجتمعات والأوطان، تستحق أشد أنواع العقاب، ودورها كبير في عرقلة مسيرة التطور، والمساس بأي تقدم اقتصادي وسياسي واجتماعي في البلدان. تنتشر بأسلوب حربة متلونة تعمي عن الحق، فتجعل من الصواب خطأ ومن الخطأ صوابا، وتسري سريان النار في الهشيم تأثيرا في معنويات الناس بدرجات، بحسب ما تسعى إليه من دوافع سيئة، بل بإمكانها القضاء على مجتمعات كاملة خاصة في حالة توافر الحطب، الذي يغذيها من قبل أشخاص على أتم الاستعداد لإضرام المزيد من النار لتتفشى الشائعات ويستفيدون!!. لنتأمل هذه الآية الكريمة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ). علينا كمجتمعات الثقة في الجميع، وعلى الإعلام بأنواعه توضيح الحقائق، فالناس تحتاج لمعرفة الحقيقة، خاصة البسطاء كيلا يتقبلوا الشائعات، ويشاركوا في انتشارها. الفراغ أيضا من أهم وسائل انتشار الشائعات، فعسى أن يعمل كل فرد ليملأ فراغه. أفخر بشباب ضربوا أروع الأمثلة في التعايش مع الواقع، فمن لم يجد منهم عملا ملأ فراغه بعمل شريف، أبرزه الذي أثار مباركة المجتمع السعودي «بيع الأطعمة والشاي» - هذا مثال فقط لنوع من الأعمال- بدلا من الفراغ ونقل الشائعات بقصد أو بدون.