بحسب إيمانويل كانت، فإن التغير الاجتماعي يأتي بعد تراكم مرحلي، يخلص فيه التغيير إلى الانتشار والعمومية، أي إحداث تغير ثقافي بمعناه ومفهومه الأوسع، حيث لا يمكن استثناء مسار من مسارات المجتمع من التغيير، إذ يشمل العادات والقيم والموضة والأدب والموسيقى ونمط العيش.. وغيرها. فالتغير الاجتماعي يأتي نتيجة أيديولوجيات سياسية وفكرية، تفرز واقعا مختلفا يتمظهر بالنواحي الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ومعلوم أن أي تغير اجتماعي سيقابله ممانعة من طيف اجتماعي تقليدي، وهذا صحي إذا وضع ذلك في سياق تفاعلي بين أطياف أي مجتمع يحكمهم فضاء ثقافي مفتوح يكفل الحرية عند اتخاذ القرار، إلا أنه سيكون مؤسفا إذا أصبحت هذه الديباجة سورا لوصم المجتمعات بعدم الجاهزية للتغير، وتصوير القابعين خلف سور الوهم بأنهم خلاف بقية البشر، ولهم خصائص فريدة ستنهار إذا ما استجد طارئ ما!. فئة ممن يمارسون وظيفة عرقلة أي تغير اجتماعي أغلبهم مؤمنون حقا بأسباب رفضهم، وهؤلاء يقتصر دورهم كجموع على المبالغة في آثار الخطوة وتضخيم حجم رفض المُستجد. أما محركو الرفض وقادته فليس بالضرورة أن يكون دافعهم الحرص على تماسك المجتمعات والمحافظة على أخلاقياته وسلوكه؛ كون بعضهم لا يؤمن فعليا بما يرفعه من شعارات، لكن الواقع يؤكد أنهم ومن يغض الطرف عنهم، بخاصة في مسائل التغيير التي تترتب عليها استحقاقات وامتيازات تطال الاقتصاد والوجاهة، يخشون من التغير الاجتماعي خوفا من تنحيتهم كطبقة متنفذة ومستفيدة من هذا الوضع، وإحلال طبقة أخرى تستفيد من المصالح وتؤثر بالرأي العام. إذن، معضلة عرقلة التغيير مردها تنافس بين طبقات اجتماعية وثقافية لتوسيع دائرة المكتسبات الشخصية في المقام الأول، وخلاف ذلك هامش. إلا أنه هامش يدخل في صميم تشويه المتن؛ كونه يطال مظاهر الحياة والحريات الشخصية.