يروى أن فلاحا إذا أراد النوم بالظهيرة بمزرعته أزعجته العصافير فوق الشجرة المجاورة لغرفته، فيستيقظ ويضرب الشجرة بالعصا فتطير العصافير ثم يعود للنوم فترجع العصافير مرة أخرى، وهكذا عدة مرات، وبعد تفكير عميق اكتشف أن الحل الجذري لهذه المشكلة هو قلع الشجرة، وغرسها في آخر المرزعة وبذلك ارتاح من إزعاج العصافير للأبد. الحياة لا تخلو من مشاكل، والحل السحري لأي مشكلة يكمن في (منع حدوث المشكلة من الأصل) أو تقليل نسبة حدوثها وذلك بمعرفة مصدرها وسببها الرئيسي، وهذه القاعدة لو أدركناها وطبقناها كما أدركها الفلاح فسوف تكون حلا جذريا ناجحا بإذن الله لكثير من مشكالنا ، وللأسف كثيرا ما نستغرق في البحث عن حلول تعالج أعراض المشكلة وليس أصل المشكلة. في إحدى العواصم العالمية كان مدخل المدينة الغربي يعاني اختناقا مروريا بالمساء، وقام المسؤولون بشق نفق والغاء تقاطعات وبناء جسور ولكنها لم تحل المشكلة جذريا، ثم تبين أن سبب الزحام هو عدم وجود مجمعات ومراكز تسوق وشقق سكنية للعزاب في الجزء الغربي في المدينة وتم الاتفاق مع بلدية العاصمة وعدد من المستثمرين على بناء مراكز تسوق وشقق عزاب في الجزء الغربي من العاصمة، وتم حل المشكلة. في عام 2013 بلغت نسبة وفيات حوادث السيارات لدينا 7661 قتيلا بمعدل 20 شخصا يوميا وتشير الدراسات انه اذا استمر النمو بنفس الوتيرة فقد يصل عدد الوفيات من حوادث السيارات عام 2019 إلى 9600 قتيل بمعدل 26 شخصا يوميا وهذا عكس المنطق، حيث من المفترض ان تقل النسبة أو على الأقل تبقى ثابتة وذلك بسبب الميزانيات الضخمة للحد من الحوادث، وقد يكون الحل الجذري للتقليل من حوادث السيارات هو إيجاد وسائل النقل العام داخل المدن وبين اطراف الوطن وذلك عبر القطارات السريعة وزيادة شركات الطيران والتي بالتالي ستقلل من استخدام السيارات للسفر والتنقل. الحل للقرية التي تعاني الأمراض بسبب البعوض ليس برش البعوض بالمبيدات او اعطاء تطيعمات وإنما بدفن المستنقع الذي بسببه انتشار البعوض. الحل للنهضة بالتعليم في الوطن العربي يبدأ باختيار المعلم وشروط قبوله كطالب في كليات التدريس وإعداد المعلمين ومساواة المعلم بالطبيب بدءا بشروط القبول مرورا بالإعداد والتأهيل أثناء الدراسة وانتهاء بالامتيازات بعد التخرج. الحل لمشكلة الفساد عربيا ليس بطرد العصافير بل باقتلاع شجرة الفساد وذلك بمحاسبة المفسدين ومعاقبتهم والتشهير بهم سواء أكانوا موظفين حكوميين أم مقاولين لأن من أمن العقوبة أساء الأدب وأغرق المدن. ختاما: إذا واجهتك مشكلة، اجلس بهدوء مع نفسك أو فريقك واجمع أعراض المشكلة ثم اسأل نفسك سؤالا واحدا: ما مصدر المشكلة وسببها الرئيسي؟ وسيكون حل المشكلة- بإذن الله- في اقتلاع الشجرة وليس بطرد العصافير.